للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخلاص الملك لمّا ابتزّه الله من يد الغاصب وانتزعه؛ وحسبك من ذمام لا يحتاج إلى شيء معه.

أمر به الأمير فلان لفلان- وصل الله سعادته، وحرس مجادته- أطلع له وجه العناية أبهى من الصبح الوسيم، وأقطعه جناب الإنعام الجميم، وأنشقه أرج الحظوة عاطر النسيم، ونقله من كرسيّ التدريس والتعليم، إلى مرقى التّنويه والتكريم، والرتبة الّتي لا يلقّاها إلا ذو حظّ عظيم، وجعل أقلامه جيادا لإجالة أمره العليّ وخطابه السنيّ، في ميادين الأقاليم، ووضع في يده أمانة القلم الأعلى، جاريا من الطريقة المثلى على النّهج القويم، واختصه بمزيّة الشّفوف على كتّاب بابه الكريم. لمّا كان ناهض الوكر في طلبة حضرته من البداية، ولم يزل تظهر عليه لأولي التمييز مخايل هذه العناية: فإن حضر حلق العلم جلّى في حلبة الحفّاظ إلى الغاية، وإن نظم أو نثر أتى بالقصائد المصقولة، والمخاطبات المنقولة، فاشتهر في بلده وغير بلده، وصارت أزمّة العناية طوع يده، بما أوجب له المزيّة في يومه وغده.

وحين ردّ الله عليه ملكه الذي جبر به جناح الإسلام، وزيّن وجوه الليالي والأيّام، وأدال الضّياء من الظلام، وكان ممّن وسمه الوفاء وشهره، وعجم الملك عود خلوصه وخبره، فحمد أثره، وشكر ظاهره ومضمره، واستصحب عليّ ركابه الذي صحب اليمن سفره، وأخلصت الحقيقة نفره، وكفل الله ورده وصدره، ميمون النّقيبة، حسن الضّريبة، خالصا في الأحوال المريبة، ناطقا عن مقامه بالمخاطبات العجيبة، واصلا إلى المعاني البعيدة بالعبارات القريبة، مبرّزا بالخدم الغريبة، حتّى استقام العماد، ونطق بصدق الطاعة الحيّ والجماد، ودخلت في دين الله أفواجا العباد والبلاد، لله الحمد على نعمه الثّرّة العهاد، وآلائه المتوالية التّرداد، رعى له- أيّده الله- هذه الوسائل وهو أحقّ من يرعاها، وشكر له الخدم المشكور مسعاها، فقصر عليه الرّتبة الشّمّاء التي خطبها بوفائه، وألبسه أثواب اعتنائه، وفسّح له مجال آلائه، وقدّمه- أعلى الله قدمه، وشكر نعمه- كاتب السّرّ، وأمير النهي والأمر، تقديم الاختبار، والاغتباط بخدمته

<<  <  ج: ص:  >  >>