للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه نسخة مرسوم شريف بنيابة السلطنة بحمص:

الحمد لله مقدّر كلّ أجل إلى حين، ومقرّر أمور الممالك في عباده الصّالحين، الذي جعل بنا أولياءنا من الرّابحين، وحفظ ما استرعانا من أمور عباده بولاية النّاصحين.

نحمده على اختيار لا يصل إليه قدح القادحين، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة نكون بها في غمرات الحروب على السّوابح «١» سابحين، ونشهد أنّ سيّدنا محمدا عبده ورسوله أكرم المانحين، وأعظم الفاتحين، وأشرف من ولّى الأعمال الكفاة الوفاة المكافحين، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة لا تزال فيها الحفظة على أعمالنا مماسين ومصابحين، وسلّم تسليما كثيرا.

وبعد، فإنّ مراسيمنا الشّريفة وإن تأخّر وقتها إلى أجل معدود، وأمد ممدود، ومضت أيّام وليال ولها باب مسدود، وعمل سببه غير مشدود- فإنّا كالسّيف يتلاهى إذا صمّم لا يرجع، وكالغمام تتمادى مدد مدّه ثم يجود فلا يقلع، ولم نزل منذ فوّض الله أمور بلاده إلينا، وصرّف أمور جمهور عباده بيدينا، نرى أن نحمي غاباتها بأشدّ الأسود، ونرمي غاياتها بمن هو لأمر ما يسود، ونحوط جنباتها بمن لا يستبيح حرمه إلا الوفود، ونحطّ ركائب رعاياها منه على من هو المقصود، وننيب إلى ما يترجّح من مصالحهم لدينا، ونستنيب لمن يترجّى الحسنى إذا عرضت متجدّدات أمورهم علينا، وإذا انفرد بحكم لا يظنّ إلّا أنّه بمسمع من أذنينا، ومرأى من عينينا، لأنّ نوّاب الممالك الشريفة فروع عدلنا الشّريف ونحن أصلها، وأسباب إحسان بأوامرنا المطاعة قطعها ووصلها.

وكانت حمص المحروسة من أكبر الممالك القديمة، والمدن العظيمة؛ تغرق الأقاليم في مدّها، وتمتدّ عساكرها فتعدّ حماة حماة من جندها؛ وهي من

<<  <  ج: ص:  >  >>