للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنه عبد صالح مخلوق، خلقه الله تعالى وسماه ابنا على التّبنّي لا على الولادة والاتّحاد. ثم هم يخالفون في القتل والصّلب مذهب الملكانية واليعقوبية جميعا، فيقولون: القتل والصّلب وقعا على المسيح من جهة ناسوته لا من جهة لا هوته: لأن الإله لا تحله الآلام. قال صاحب حماة «١» : وهم عند النصارى كالمعتزلة عندنا.

وليعلم أن للنّصارى أشياء يعظّمونها و [أشياء] «٢» يستعظمون الوقوع فيها.

فأما التي يعظّمونها فإنهم يعظمون المسيح عليه السّلام حتّى انتهوا فيه إلى ما انتهوا: من دعوى الألوهيّة والبنوّة لله سبحانه، تعالى الله عما يشركون، واسمه عندهم أيشوع فعرّب عيسى، وإنّما سمي المسيح لكونه ممسوح القدمين لا أخمص له «٣» ويعظّمون مريم عليها السلام لولادتها المسيح عليه السّلام، ويعبّرون عنها بالسّيّدة، وبالبتول، وبالعذراء.

ويعظمون مريحنّا «٤» المعمدان، وهم عندهم يحيى بن زكريّا عليه السّلام، ومعنى «مر» السّيّد، و «يحنّا» يعني يحيى؛ ويسمّونه المعمدان لأنهم يزعمون أنّ مريم عليها السلام حين عودها من مصر إلى الشأم ومعها السّيد المسيح تلقّاه يحيى عليه السّلام فعمّده في نهر الأردنّ من بلاد فلسطين، يعني غمسه فيه، ويجعلون ذلك أصلا للمعموديّة: وهو الماء الذي يغمسون فيه عند تنصّرهم، ويقولون: إنه لا يصح تنصّر نصرانيّ دون تعمّد. ولماء المعمودية بذلك عندهم من التّعظيم ما

<<  <  ج: ص:  >  >>