للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مخالفيهم في الدّين، وركضوا الجياد إلى جهاد من يليهم من الملحدين.

وإن كان الصّلح بين مسلمين احتجّ بنحو قوله تعالى: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما

«١» ، وبأحاديث التّحذير من تقاتل المسلمين كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النّار» وما يجري هذا المجرى.

ومنها- أن يراعي المقام في تبجيل المتهادنين أو أحدهما بحسب ما يقتضيه الحال، ووصف كلّ واحد منهما بما يليق به: من التعظيم، أو التّوسّط، أو انحطاط الرّتبة بحسب المقام، ويجري على حسب ذلك في الشدّة واللين.

فإن كانت الهدنة بين متكافئين سوّى بينهما في التعظيم، وجرى بهما في الشّدّة واللّين على حدّ واحد، إلا أن يكون أحدهما أسنّ من الآخر، فيراعي للأسنّ ما يجب له على الحدث من التّأدّب معه، ويراعي للحدث ما يجب له على الكبير من الحنوّ والشّفقة.

وإن كانت الهدنة من قويّ لضعيف، أخذ في الاشتداد، آتيا بما يدلّ على علوّ الكلمة، وانبساط القدرة، وحصول النّصرة، واستكمال العدد، وظهور الأيد، ووفور الجند، وقصور الملوك عن المطاولة، وعجزهم عن المحاولة، ونحو ذلك مما ينخرط في هذا السّلك، لا سيّما إذا كان القويّ مسلما والضعيف كافرا، فإنه يجب الازدياد من ذلك، وذكر ما للإسلام من العزّة، وما توالى له من النّصرة، وذكر الوقائع التي كانت فيها نصرة المسلمين على الكفّار في المواطن المشهورة، والأماكن المعروفة، وما في معنى ذلك.

وإن كانت الهدنة من ضعيف لقويّ، أخذ في الملاينة بحسب ما يقتضيه الحال، مع إظهار الجلادة، وتماسك القوّة، خصوصا إذا كان القويّ

<<  <  ج: ص:  >  >>