للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك بن مروان أرق ليلة فاستدعى نميرا يحدّثه، فكان مما حدّثه أن قال: يا أمير المؤمنين كان بالبصرة بومة وبالموصل بومة، فخطبت بومة الموصل إلى بومة البصرة بنتها لابنها؛ فقالت بومة البصرة: لا أفعل حتّى تجعلي في صداقها مائة ضيعة خراب؛ فقالت بومة الموصل: لا أقدر على ذلك الآن ولكن إن دام والينا سلّمه الله علينا سنة واحدة فعلت؛ فاستيقظ لها وجلس للمظالم.

[ومنها «البؤة» -]

بضم الباء وفتح «١» الهمزة- قال الجوهري: وهو طائر يشبه البومة إلا أنه أصغر منها. وذكر ابن قتيبة في أدب الكاتب نحوه، ويقال له البوهة أيضا؛ وهي من طير الليل أيضا. ولا يخفى أنها التي يسمّيها الناس في زماننا المصّاصة ويزعمون أنها تنزل على الأطفال فتمصّ أنوفهم.

ومنها «الخفّاش» -

بضم الخاء المعجمة وتشديد الفاء وبالشين المعجمة، ويجمع على خفافيش- وهو طائر غريب الشّكل والوصف لا ريش عليه؛ وأجنحته جلدة لا صقة بيديه، وقيل لا صقة بجنبه. وسمي خفّاشا لأنه لا يبصر نهارا، وبه سمي الرجل: أخفش؛ والعامّة تسميه الوطواط، وقيل: الخفّاش الصغير، والوطواط الكبير، ويقال: إن الوطواط هو الخطّاف لا الخفّاش. وليس هو من الطير في شيء، فإن له أسنانا وخصيتين، ويحيض ويضحك كما يضحك الإنسان، ويبول كما تبول ذوات الأربع، ويرضع ولده من ثديه.

ولما كان لا يبصر نهارا التمس وقتا يكون بين الظلمة والضوء وهو قريب غروب الشمس، لأنه وقت هيجان البعوض، فالبعوض يخرج في ذلك الوقت يطلب قوته من دماء الحيوان؛ والخفّاش يخرج لطلب الطّعم فيقع طالب رزق على طالب رزق. ويقال: إنه هو الذي خلقه المسيح عليه السلام من الطين، ونفخ فيه فكان طيرا بإذن الله. قال بعض المفسرين: ومن أجل ذلك كان مباينا لغيره من

<<  <  ج: ص:  >  >>