للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسّعة وبعد السمافة وقلة الماء والإيحاش وصعوبة المسلك، وما يجري مجرى ذلك.

[الصنف الثاني المياه الأرضية؛ وهي على ضربين]

الضرب الأوّل الماء الملح

ووقع في لغة الإمام الشافعيّ رضي الله عنه الماء المالح؛ وهو أحد العناصر الأربعة، وسيأتي في الكلام على الأرض في المقالة الثانية أنه محيط بالأرض من جميع جهاتها إلا ما اقتضته الحكمة الإلهية لعمارة الدنيا من كشف بعض ظاهرها الأعلى، وأنه تفرّعت منه بحار منبثّة في جهات الأرض لتجري السفن فيها بما ينفع الناس.

وقد ذكر الحكماء أن في الماء الملح كثافة لا توجد في الماء العذب، ومن أجل ذلك لا ترسب فيه الأشياء الثقيلة كما ترسب في الماء العذب، حتّى يقال: أن السفن التي تغرق في البحر الملح لا تبلغ أرضه بخلاف التي تغرق في الأنهار فإنها تنزل إلى قعرها، وشاهد ذلك أنك إذا طرحت في الماء العذب بيضة دجاجة ونحوها غرقت فيه، فإذا أذبت في ذلك الماء ملحا بحيث يغلب على الماء وطرحت فيه البيضة عامت، وقد اختلف في الماء الملح هل هو كذلك من أصل الخلقة أو عرضت له الملوحة بسبب مالاقاه من سبخ الأرض على مذهبين. ومن خصائص البحر الملح أنه في غاية الصّفاء حتّى إنه يرى ما في قعره على القرب من شطّه.

ويوصف البحر بالسّعة والطول والعرض وكثرة العجائب حتّى يقال في المثل:

«حدّث عن البحر ولا حرج» .

[الضرب الثاني الماء العذب]

قالت الحكماء: والسبب فيه أن الأبخرة تتصاعد من قعر الأرض فتدخل في

<<  <  ج: ص:  >  >>