للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام النيسابوري في تفسيره: " إنه تعالى لما أقام دلائل التوحيد والنبوة والمعاد ثم ذكر الإنعامات العامة للبشر ومن جملتها خلق آدم إلى تمام قصته أردفها الإنعامات الخاصة على أسلاف اليهود إلانة لشكيمتهم واستمالة لقلوبهم وتنبيها على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛من حيث كونه إخبارا بالغيب مدرجا في مطاوي ذلك ما يرشدهم إلى أصول الأديان ومكارم الأخلاق " (١) .

وإذا كان آدم - عليه السلام -قد أخرج من الجنة بذنب واحد فما بالهم أسلموا زمامهم للشيطان واتبعوا الهوى ومع ذلك يطمعون في الجنان؟

وصدق من قال

ياناظرا يرنو بعيني راقد ومشاهدا للأمر غير مشاهد

تصل الذنوب إلى الذنوب وتر تجي درج الجنان بها وفوز العابد

أنسيت أن الله أخرج آدمَ منها إلى الدنيا بذنب واحد

وقال الإمام الألوسي: " يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم خطاب لطائفة خاصة من الكفرة المعاصرين للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم بعد الخطاب العام وجعله سبحانه بعد قصة آدم لأن هؤلاء بعد ما أتوا من البيان الواضح والدليل اللائح وأمروا ونهوا وحرضوا على اتباع النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عنده مظهر منهم ضد ذلك فخرجوا عن جنة الإيمان الرفيعة وهبطوا إلى أرض الطبيعة وتعرضت لهم الكلمات إلا أنهم لم يتلقوها بالقبول ففات منهم ما فات وأقبل عليهم بالنداء ليحركهم لسماع ما يرد من الأوامر والنواهي ". (٢)

مما سبق يتبين لنا: أن الحديث عن بني إسرائيل من المحاور الرئيسية والمقاصد الأساسية لهذه السورة الكريمة التي نزلت بعد الهجرة مواكبة لبناء الدولة الإسلامية وتدعيمها وتحصينها من مكائد الأعداء، ووضع أسس التعامل مع غير المسلمين وبيان المنهج الأمثل في التحاور معهم إلى جانب دعوتهم.


(١) ٢ - غرائب القرآن ورغائب الفرقان للنيسابوري ١ /٢٩٣
(٢) ٣ - روح المعاني ١ / ٢٤١..

<<  <   >  >>