للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعَنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فِي التَّوْرَاةِ، قَالَ: أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا) (١) وزاد الإمام أحمد: قَالَ عَطَاءٌ لَقِيتُ كَعْبًا (٢) فَسَأَلْتُهُ فَمَا اخْتَلَفَا فِي حَرْفٍ إِلَّا أَنَّ كَعْبًا يَقُولُ بِلُغَتِهِ: أَعْيُنًا عُمُومَى وَآذَانًا صُمُومَى وَقُلُوبًا غُلُوفَى) (٣).

وعَنْ أَبِي صَخْرٍ الْعُقَيْلِيِّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الْأَعْرَابِ قَالَ: جَلَبْتُ جَلُوبَةً (٤) إِلَى الْمَدِينَةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)، فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْ بَيْعَتِي قُلْتُ: لَأَلْقَيَنَّ هَذَا الرَّجُلَ فَلَأَسْمَعَنَّ مِنْهُ. قَالَ: فَتَلَقَّانِي بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ، فَتَبِعْتُهُمْ فِي أَقْفَائِهِمْ حَتَّى أَتَوْا عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ نَاشِرًا التَّوْرَاةَ يَقْرَؤُهَا، يُعَزِّي بِهَا نَفْسَهُ عَلَى ابْنٍ لَهُ فِي الْمَوْتِ، كَأَحْسَنِ الْفِتْيَانِ وَأَجْمَلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): «َنْشُدُكَ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ هَلْ تَجِدُ فِي كِتَابِكَ ذَا صِفَتِي وَمَخْرَجِي». فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا أَيْ لَا. قَالَ ابْنُهُ: إِنِّي وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ إِنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِنَا صِفَتَكَ وَمَخْرَجَكَ، أَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: «أَقِيمُوا الْيَهُودَ عَنْ أَخِيكُمْ، ثُمَّ وَلِيَ كَفَنَهُ وَحَنَّطَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ» (٥).

ومن أعجب ما قرأت في هذا الباب قصة الإمام أبي محمد عبد الله الميورقي الترجمان (المتوفى سنة ٨٣٢ هـ)، الذي كان من أكبر قساوسة النصارى في وقته، بل كان مهيئا لأن يصبح البابا الأكبر، ثم أسلم عندما وقع على آية في الإنجيل تبشر بقدوم النبي (صلى الله عليه وسلم)، ثم ألف كتاب " تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب "، وقسمه قسمين؛ القسم الأول: في ذكر قصة إسلامه، والثانية في الردود المفصلة على النصارى (٦)، وذكر قصة انتقاله إلى الإسلام في سبع عشرة صفحة هذا مختصرها:


(١) أخرجه البخاري (كتاب البيوع، باب كراهية السخب في الأسواق، رقم:٢٠١٨).
(٢) يعني كعب الأحبار الذي كان يهوديا من علماء اليهود ثم أسلم.
(٣) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (رقم:٦٥٨٥).
(٤) يعني بضاعة، اسم مصدر من جلب (انظر لسان العرب: ١/ ٢٦٨).
(٥) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (رقم:٢٢٩٨١) وإسناده صحيح (صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، المجلد السابع، رقم: ٣٢٦٩).
(٦) ومن أبواب هذا القسم: باب في شهادة التوراة والإنجيل والزبور وجميع الكتب على نبوة محمد (صلى الله عليه وسلم).

<<  <   >  >>