للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت: لكن هناك طرق أخرى عن عطاء تبطل هذا التأويل مع مخالفته للظاهر، منها ما

عند ابن أبي شيبة: أنبأنا علي بن مسهر عن عبد الملك عن عطاء به بلفظ: " كنا

نبلغ المدينة بلحوم الأضاحي ". وإسناده صحيح على شرط مسلم.

وتابعه أبو الزبير عن جابر قال: " أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

لحوم الأضاحي وتزودنا حتى بلغنا بها المدينة ". أخرجه أحمد (٣ / ٣٨٦) من

طريق زهير والطحاوي (٢ / ٣٠٨) من طريقين أخريين ثلاثتهم عن أبي الزبير به.

وهو على شرط مسلم، مع عنعنه أبي الزبير، لكنه يتقوى برواية عبد الملك وهو

ابن أبي سليمان وهو ثقة. ومما يشهد لروايتهما رواية شعبة عن عمرو بن دينار

عند الدارمي بلفظ: " إن كنا لنتزود من مكة إلى المدينة على عهد رسول الله صلى

الله عليه وسلم لحوم الأضاحي ". وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

قلت: فهذا اللفظ عن عمرو بن دينار ومتابعة عبد الملك وأبو الزبير على معناه

المصرحة بأنهم بلغوا بما تزودوا به من الأضاحي أو الهدي إلى المدينة يبطل بكل

وضوح ذلك المعنى الذي تقدم ذكره عن الحافظ في سبيل التوفيق بين رواية البخاري

النافية وروايته الأخرى عن عمرو المثبتة، فتعين أنه لابد من الترجيح ولا يشك

أي باحث ذي نظر ثاقب أن رواية عمرو هي الراجحة لما لها من الشواهد التي ذكرنا

ولأنها مثبتة، ومن المعلوم في الأصول أن المثبت مقدم على النافي، لاسيما

وأن للحديث شواهد عن غير جابر من الصحابة ولعلي إذا نشطت ذكرت ما تيسر لي

منها. وتبين بهذا التخريج أن رواية ابن جريج غير محفوظة وهو ما أشار إليه

الإمام

<<  <  ج: ص:  >  >>