للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بعد هذا كله أليس من العجيب حقا قول الشيخ الغزالي في " مشكلاته " التي صدرت

عنه حديثا (ص ١٣٩) : " من محفوظاتي وأنا طالب أنه لم يرد في المهدي حديث

صريح، وما ورد صريحا فليس بصحيح "! فمن هم الذين لقنوك هذا النفي وحفظوك

إياه وأنت طالب؟ أليسوا هم علماء الكلام الذين لا علم عندهم بالحديث،

ورجاله، وإلا فكيف يتفق ذلك مع شهادة علماء الحديث بإثبات ما نفوه؟ ! أليس في

ذلك ما يحملك على أن تعيد النظر فيما حفظته طالبا، لاسيما فيما يتعلق بالسنة

والحديث تصحيحا وتضعيفا، وما بني على ذلك من الأحكام والآراء، ذلك خير من

أن تشكك المسلمين في الأحاديث التي صححها العلماء لمجرد كونك لقنته طالبا،

ومن غير أهل الاختصاص والعلم؟ !

واعلم يا أخي المسلم أن كثير من المسلمين اليوم قد انحرفوا عن الصواب في هذا

الموضوع، فمنهم من استقر في نفسه أن دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدي!

وهذه خرافة وضلالة ألقاها الشيطان في قلوب كثير من العامة، وبخاصة الصوفية

منهم، وليس في شيء من أحاديث المهدي ما يشعر بذلك مطلقا، بل هي كلها لا تخرج

عن أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر المسلمين برجل من أهل بيته، ووصفه بصفات

بارزة أهمها أنه يحكم بالإسلام وينشر العدل بين الأنام، فهو في الحقيقة من

المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم

، فكما أن ذلك لا يستلزم ترك السعي وراء طلب العلم والعمل به لتجديد الدين،

فكذلك خروج المهدي لا يستلزم التواكل عليه وترك الاستعداد والعمل لإقامة حكم

الله في الأرض، بل على العكس هو الصواب، فإن المهدي لن يكون أعظم سعيا من

نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي ظل ثلاثة وعشرين عاما وهو يعمل لتوطيد

دعائم الإسلام، وإقامة دولته فماذا عسى أن يفعل المهدي لو خرج اليوم فوجد

المسلمين شيعا وأحزابا، وعلماءهم - إلا القليل منهم - اتخذهم الناس رؤسا!

لما استطاع أن يقيم دولة الإسلام إلا بعد أن يوحد كلمتهم ويجمعهم في صف واحد،

وتحت راية واحدة، وهذا بلا شك يحتاج

<<  <  ج: ص:  >  >>