للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فليرجع إليه من أراد التوسع فيه. قلت: وإذا كان كذلك، فالشاري

حين ينصرف بما اشتراه، فإما أن ينقد الثمن، وإما أن يؤجل، فالبيع في الصورة

الأولى صحيح، وفي الصورة الأخرى ينصرف وعليه ثمن الأجل - وهو موضع الخلاف -

فأين الجهالة المدعاة؟ وبخاصة إذا كان الدفع على أقساط، فالقسط الأول يدفع

نقدا، والباقي أقساط حسب الاتفاق. فبطلت علة الجهالة أثرا ونظرا.

٣ - دليل القول الثالث حديث الترجمة وحديث ابن مسعود، فإنهما متفقان على أن

" بيعتين في بيعة ربا "، فإذن الربا هو العلة، وحينئذ فالنهي يدور مع العلة

وجودا وعدما، فإذا أخذ أعلى الثمنين، فهو ربا، وإذا أخذ أقلهما فهو جائز

كما تقدم عن العلماء الذين نصوا أنه يجوز أن يأخذ بأقل الثمنين إلى أبعد

الأجلين، فإنه بذلك لا يكون قد باع بيعتين في بيعة، ألا ترى أنه إذا باع

السلعة بسعر يومه، وخير الشاري بين أن يدفع الثمن نقدا أو نسيئة أنه لا يصدق

عليه أنه باع بيعتين في بيعة كما هو ظاهر، وذلك ما نص عليه صلى الله عليه

وسلم في قوله المتقدم: " فله أوكسهما أو الربا "، فصحح البيع لذهاب العلة،

وأبطل الزيادة لأنها ربا، وهو قول طاووس والثوري والأوزاعي رحمهم الله تعالى

كما سبق. ومنه تعلم سقوط قول الخطابي في " معالم السنن " (٥ / ٩٧) : " لا

أعلم أحدا من الفقهاء قال بظاهر هذا الحديث، وصحح البيع بأوكس الثمنين، إلا

شيء يحكى عن الأوزاعي، وهو مذهب فاسد، وذلك لما تتضمنه هذه العقدة من الغرر

والجهل ". قلت: يعني الجهل بالثمن كما تقدم عنه وقد علمت مما سلف أن قوله

هو الفاسد لأنه أقامه على علة لا أصل لها في الشرع، بينما قول الأوزاعي قائم

على نص الشارع كما تقدم، ولهذا تعقبه الشوكاني بقول في " نيل الأوطار " (٥ /

١٢٩) : " ولا يخفى أن ما قاله الأوزاعي هو ظاهر الحديث لأن الحكم له بالأوكس

يستلزم

<<  <  ج: ص:  >  >>