للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يجتمع معنى هذا الحديث مع قوله تعالى: (لو أن لهم ما في الأرض جميعا

ومثله معه لافتدوا به) .

قوله: (قد أردت منك) أي أحببت منك، والإرادة في الشرع تطلق ويراد بها ما

يعم الخير والشر والهدى والضلال كما في قوله تعالى (ومن يرد الله أن يهديه

يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في

السماء) . وهذه الإرادة لا تتخلف. وتطلق أحيانا ويراد بها ما يرادف الحب

والرضا، كما في قوله تعالى (يريد الله بكم اليسر، ولا يريد بكم العسر) ،

وهذا المعنى هو المراد من قوله تعالى في هذا الحديث (أردت منك) أي أحببت

والإرادة بهذا المعنى قد تتخلف، لأن الله تبارك وتعالى لا يجبر أحدا على

طاعته وإن كان خلقهم من أجلها (فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر) ، وعليه

فقد يريد الله تبارك وتعالى من عبده ما لا يحبه منه. ويحب منه ما لا يريده،

وهذه الإرادة يسميها ابن القيم رحمه الله تعالى بالإرادة الكونية أخذا من قوله

تعالى (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له: كن فيكون) ، ويسمى الإرادة

الأخرى المرادفة للرضا بالإرادة الشرعية، وهذا التقسيم، من فهمه انحلت له

كثير من مشكلات مسألة القضاء والقدر، ونجا من فتنة القول بالجبر أو الاعتزال

وتفصيل ذلك في الكتاب الجليل " شفاء

<<  <  ج: ص:  >  >>