للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بالتالي نفس الأول كما هو دعواه، وإنما هذا من

باب عطف الخاص على العام. وهذا مما لا خلاف فيه، ولكنه ليس موضع البحث كما

هو ظاهر للفقيه. نعم إن ما ذهب إليه المومى إليه في الرسالة السابقة من إنكار

ما جاء في بعض كتب الكلام في تعريف النبي أنه من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر

بتبليغه، فهو مما أصاب فيه كبد الحقيقة، ولطالما أنكرناه في مجالسنا

ودروسنا، لأن ذلك يستلزم جواز كتمان العلم مما لا يليق بالعلماء، بله الأنبياء

، قال تعالى: * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما

بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) *. ولعل المشار

إليه توهم أن هذا المنكر إنما تفرع من القول بالتفريق بين الرسول والنبي،

فبادر إلى إنكار الأصل ليسقط معه الفرع، كما فعل بعض الفرق قديما حين بادروا

إلى إنكار القدر الإلهي إبطالا للجبر، وبعض العلماء في العصر الحاضر إلى

إنكار عقيدة نزول عيسى وخروج المهدي عليهما السلام، إنكارا لتواكل جمهور من

المسلمين عليها. وكل ذلك خطأ، وإن كانوا أرادوا الإصلاح، فإن ذلك لا يكون

ولن يكون بإنكار الحق الذي قامت عليه الأدلة. ولو أن الكاتب المشار إليه

توسع في دراسة هذه المسألة قبل أن يسود رسالته، لوجد فيها أقوالا أخرى

استوعبها العلامة الآلوسي (٥ / ٤٤٩) ، ولكان بإمكانه أن يختار منها ما لا

نكارة فيه كمثل قول الزمخشري (٣ / ٣٧) : " والفرق بينهما، أن الرسول من

الأنبياء: من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه. والنبي غير الرسول: من

لم ينزل عليه كتاب، وإنما أمر أن يدعو الناس إلى شريعة من قبله ". ومثله

قول البيضاوي في " تفسيره " (٤ / ٥٧) :

<<  <  ج: ص:  >  >>