للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد كتب أبو الدرداء إلى سلمان: هلم إلى الأرض المقدسة! فكتب إليه سلمان:

إن الأرض لا تقدس أحدا وإنما يقدس العبد عمله. وكان النبي صلى الله عليه

وسلم قد آخى بين سلمان وأبي الدرداء. وكان سلمان أفقه من أبي الدرداء في

أشياء من جملتها هذا. وقد قال الله تعالى لموسى عليه السلام: * (سأريكم دار

الفاسقين) * وهي الدار التي كان بها أولئك العمالقة، ثم صارت بعد هذا دار

المؤمنين، وهي الدار التي دل عليها القرآن من الأرض المقدسة، وأرض مصر التي

أورثها الله بني إسرائيل، فأحوال البلاد كأحوال العباد فيكون الرجل تارة مسلما

وتارة كافرا، وتارة مؤمنا وتارة منافقا، وتارة برا تقيا وتارة فاسقا،

وتارة فاجرا شقيا. وهكذا المساكن بحسب سكانها، فهجرة الإنسان من مكان الكفر

والمعاصي إلى مكان الإيمان والطاعة كتوبته وانتقاله من الكفر والمعصية إلى

الإيمان والطاعة، وهذا أمر باق إلى يوم القيامة، والله تعالى قال: * (

والذين آمنوا [من بعد] وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم) * [الأنفال: ٧٥

] . قالت طائفة من السلف: هذا يدخل فيه من آمن وهاجر وجاهد إلى يوم القيامة

، وهكذا قوله تعالى: * (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا

وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) * [النحل: ١١٠] (١) يدخل في معناها كل من

فتنه الشيطان عن دينه أو أوقعه في معصية ثم هجر السيئات وجاهد نفسه وغيرها من

العدو، وجاهد المنافقين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك،

وصبر على ما أصابه من قول أو فعل. والله سبحانه وتعالى أعلم ".


(١) وقع في هذه الآية خطأ مطبعي في الأصل، كما سقط منه ما بين المعقوفتين في
الآية الأولى. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>