للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

" إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه

قبل ركبتيه " (١) . لقد صحح هذا الحديث جمع من الحفاظ، منهم عبد الحق الإشبيلي

، والشيخ النووي، وقواه الحافظ في " الفتح " (٢ / ٢٩١) وفي " بلوغ المرام

"، وهم يعلمون أن اللقاء بين النفس الزكية وأبي الزناد غير معروف، كما أشار

إلى ذلك الإمام البخاري بقوله في ترجمة (النفس الزكية) من " التاريخ الكبير "

(١ / ١ / ١٣٩) : " لا أدري سمع من أبي الزناد أم لا؟ ". قلت: وهكذا يجد

الباحث في كتب تخريج الأحاديث عشرات بل مئات الأحاديث قد صححها الحفاظ

والعلماء مكتفين في ذلك بالمعاصرة، غير ملتزمين فيها شرط اللقاء، وما ذاك إلا

عن قناعة منهم بأن هذا الشرط إنما هو شرط الكمال، وليس شرط صحة، فإن تحقق

فبها ونعمت، وإلا ففي المعاصرة بركة وكفاية، على هذا جرى السلف، كما شرح

ذلك الإمام مسلم في " مقدمته "، وتبعهم على ذلك الخلف من الحفاظ الذين سمينا

بعضهم، واشتد إنكار مسلم على مخالفيهم غيرة منه على السنة المطهرة، وخوفا

منه أن يهدر منها شيء، وما قدمنا من الأمثلة يؤيد ما ذهب إليه رحمه الله.

وبالله التوفيق.


(١) تنبيه: لقد وقفت على رسالة لأحد متعصبة الحنابلة المعاصرين في تضعيف هذا
الحديث الصحيح، جاء فيها تجاهلات ومكابرات عجيبة، أذكر ما تيسر منها:
١ - جعل قول البخاري الآتي معارضا لمن وثق النفس الزكية!
٢ - تجاهل بروك الجمل على ركبتيه اللتين في مقدمتيه كما هو الثابت في كتب اللغة، وفي أثر عمر الذي
ذكره (ص ٤٢) محتجا به وهو عليه: أنه كان يخر في صلاته بعد الركوع على
ركبتيه كما يخر البعير: يضع ركبتيه قبل يديه! هذا هو بروك البعير أن يضع
ركبتيه قبل يديه. وبذلك يكون قد هدم كل ما بنى، على أنه كان على شفا جرف هار
! . اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>