للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ليس

معصوما، ولكنا ننكر أشد الإنكار نسبته إلى النسيان بل الكذب لمجرد الدعوى

وسوء الظن به، وهذا هو المثال بين أيدينا، فإذا كان جائزا كما ذكرنا أن

يكون أبو هريرة لم يحفظ تلك الزيادة المزعومة، فهل يجوز أن لا يحفظها أيضا

أولئك الجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ !

على أن هذا الحديث في سياقه ما يدل على بطلان تلك الزيادة من حيث المعنى، فإنه

لم يذم الشعر مطلقا، وإنما الإكثار منه، وإذا كان كذلك فقوله " هجيت به "،

يعطي أن القليل من الشعر الذي فيه هجاؤه صلى الله عليه وسلم جائز، وهذا باطل

وما لزم منه باطل فهو باطل!

جاء في " فيض القدير ":

" وقال النووي: هذا الحديث محمول على التجرد للشعر بحيث يغلب عليه، فيشغله

عن القرآن والذكر. وقال القرطبي: من غلب عليه الشعر، لزمه بحكم العادة

الأدبية الأوصاف المذمومة، وعليه يحمل الحديث، وقول بعضهم: عنى به الشعر

الذي هجي به هو أو غيره، رد بأن هجوه كفر كثر أو قل، وهجو غيره حرام وإن قل

فلا يكون لتخصيص الذم بالكثير معنى ".

وما ذكره عن النهي هو الذي ترجم به البخاري في " صحيحه " للحديث فقال:

" باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله ".

وتقدمه إلى ذلك الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام، فقال بعد أن ذكر قول البعض

المشار إليه:

" والذي عندي في هذا الحديث غير هذا القول، لأن الذي هجى به النبي صلى الله

عليه وسلم لو كان شطر بيت لكان كفرا، فكأنه إذا حمل وجه الحديث على امتلاء

القلب منه أنه قد رخص في القليل منه، ولكن وجهه عندي أن يمتلئ قلبه من الشعر

حتى يغلب عليه فيشغله عن القرآن وعن ذكر الله، فيكون الغالب عليه، فأما إذا

كان القرآن والعلم الغالبين عليه، فليس جوفه ممتلئا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>