للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أساميه باختلاف متعلقاته وبيان أقسامه بحسب اختلاف القوة والضعف وبيان مظان الحاجة إلى الصبر وبيان دواء الصبر وما يستعان به عليه فهي سبعة فصول تشتمل على جميع مقاصده إن شاء الله تعالى

بيان فضيلة الصبر وقد وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّابِرِينَ بِأَوْصَافٍ وَذَكَرَ الصَّبْرَ

فِي الْقُرْآنِ فِي نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ مَوْضِعًا وَأَضَافَ أَكْثَرَ الدَّرَجَاتِ وَالْخَيْرَاتِ إِلَى الصَّبْرِ وَجَعَلَهَا ثَمَرَةً لَهُ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وقال تعالى وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا وَقَالَ تَعَالَى وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانوا يعملون وَقَالَ تَعَالَى أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صبروا وَقَالَ تَعَالَى إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حساب فَمَا مِنْ قُرْبَةٍ إِلَّا وَأَجْرُهَا بِتَقْدِيرٍ وَحِسَابٍ إلا الصبر ولأجل كون الصوم من الصبر وأنه نصف الصبر قال الله تعالى الصوم لي وأنا أجزي به فأضافه إلى نفسه من بين سائر العبادات ووعد الصابرين بأنه معهم فقال تعالى واصبروا إن الله مع الصابرين وعلق النصرة على الصبر فقال تعالى بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين وجمع للصابرين بَيْنَ أُمُورٍ لَمْ يَجْمَعْهَا لِغَيْرِهِمْ فَقَالَ تَعَالَى أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هم المهتدون فالهدى والرحمة والصلوات مجموعة للصابرين واستقصاء جميع الآيات في مقام الصبر يطول

وأما الأخبار فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّبْرُ نِصْفُ الْإِيمَانِ (١) على ما سيأتي وجه كونه نصفاً وقال صلى الله عليه وسلم من أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر ومن أعطي حظه منهما لم يبال بما فاته من قيام الليل وصيام النهار ولأن تصبروا على ما أنتم عليه أحب إلي من أن يوافيني كل امرىء منكم بمثل عمل جميعكم ولكني أخاف أن تفتح عليكم الدنيا بعدي فينكر بعضكم بعضاً وينكركم أهل السماء عند ذلك فمن صبر واحتسب ظفر بكمال ثوابه ثم قرأ قوله تعالى ما عندكم ينفد وما عنده الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم الآية (٢) الآية وروى جابر أنه سئل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ الصبر والسماحة (٣) حديث الصبر كنز من كنوز الجنة غريب لم أجده وسئل مرة ما الإيمان فقال الصبر (٤) حديث الحج عرفه تقدم في الحج معناه معظم الحج عرفة وقال أيضا صلى صلى الله عليه وسلم أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس // حديث أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس لا أصل له مرفوعا وإنما هو من قول عمر بن عبد العزيز هكذا رواه ابن أبي الدنيا في كتاب محاسبة النفس وقيل أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام تخلق بأخلاقي وأن من أخلاقي أني أنا الصبور وفي حديث عطاء عن ابن عباس لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأنصار فقال أمؤمنون أنتم فسكتوا فقال عمر نعم يا رسول الله قال وما علامة إيمانكم قالوا نشكر على الرخاء ونصبر على البلاء ونرضى بالقضاء فقال صلى الله عليه وسلم


(١) حديث الصبر نصف الإيمان أخرجه أبو نعيم والخطيب من حديث ابن مسعود وتقدم في الصوم
(٢) حديث من أقل ما أوتيتم اليقين وعزيمة الصبر الحديث بطوله تقدم في العلم مختصرا ولم أجده هكذا بطول
(٣) حديث جابر سئل عن الإيمان فقال الصبر والسماحة أخرجه الطبراني في مكارم الآخلاق وابن حبان في الضعفاء وفيه يوسف بن محمد بن المنكدر ضعيف ورواه الطبراني في الكبير من رواية عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه عن جده وقال أيضاً الصبر كنز من كنوز الجنة
(٤) حديث سئل مرة عن الإيمان فقال الصبر أخرجه أبو منصور الديملى في مسند الفردوس من رواية يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ويزيد ضعيف وهذا يشبه قوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفه

<<  <  ج: ص:  >  >>