للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت به جارية ثم مست بعارضيها ثم قالت والله ما لي بالطيب من حاجة غير إني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا (١)

وَيَلْزَمُهَا لُزُومُ مَسْكَنِ النِّكَاحِ إِلَى آخِرِ الْعِدَّةِ وَلَيْسَ لَهَا الِانْتِقَالُ إِلَى أَهْلِهَا وَلَا الْخُرُوجُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَمِنْ آدَابِهَا أَنْ تَقُومَ بِكُلِّ خدمة في الدار تقدر عليها فقد روي عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما أنها قالت تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه وناضحه فكنت أعلف فرسه وأكفيه مؤنته وأسوسه وأدق النوى لناضحه وأعلفه وأستقي الماء وأخرز غربه وأعجن وكنت أنقل النوى على رأسي من ثلثي فرسخ حتى أرسل إلى أبو بكر بجارية فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقني (٢)

ولقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ومعه أصحابه والنوى على رأسي فقال صلى الله عليه وسلم أخ أخ لينيخ ناقته ويحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إني قد استحييت فجئت الزبير فحكيت له ما جرى فقال والله لحملك النوى على رأسك أشد علي من ركوبك معه

تم كتاب آداب النكاح بحمد الله ومنه وصلى الله على كل عبد مصطفى كتاب آداب الكسب والمعاش وهو الكتاب الثالث من ربع العادات من كتاب إحياء علوم الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمد الله حمد موحد انمحق في توحيده ما سوى الواحد الحق وتلاشر

ونمجده تمجيد من يصرح بأن كل شيء ما سوى الله باطل ولا يتحاشى

وأن كل من في السموات والأرض لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ولا فراشا

ونشكره إذ رفع السماء لعباده سقفاً مبنيا ومهد الأرض بساطا لهم وفراشا

وكور الليل على النهار فجعل الليل لباسا والنهار معاشا

لينتشروا في إبتغاء فضله وينتعشوا به عن ضراعة الحاجات انتعاشا ونصلي على رسوله الذي يصدر المؤمنون عن حوضه رواء بعد ورودهم عليه عطاشاً

وعلى آله وأصحابه الذين لم يدعوا في نصرة دينه تشمراً وانكماشاً

وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد فإن رب الأرباب ومسبب الأسباب

جعل الآخرة دار الثواب والعقاب والدنيا دار التمحل والاضطراب

والتشمر والاكتساب

وليس التشمر في الدنيا مقصوراً على المعاد دون المعاش بل المعاش ذريعة إلى المعاد ومعين عليه فالدنيا مزرعة الآخرة ومدرجة إليها

والناس ثلاثة رجل شغله معاشه عن معاده فهو من الفائزين والأقرب إلى الاعتدال هو الثالث الذي شغله معاشه لمعاده فهو من المفتصدين

ولن ينال رتبة


(١) حديث أم حبيبة لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا متفق عليه
(٢) حديث أسماء تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرس وناضح فكنت أعلف فرسهالحديث متفق عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>