للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو حنيفة: لا تحد، وحبست حتى تلاعن أن تقر بالزنا، وإن صدقته أقيم عليها الحد.

واستدل أبو حنيفة رضي الله عنه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: زنا بعد إحصان، أو كفر بعد إيمان، أو قتل نفس بغير نفس ".

ولان سفك الدماء بالنكول حكم ترده الاصول، فإنه إذا كان كثير من الفقهاء لا يوجبون غرم المال بالنكول.

فكان بالاحرى ألا يجب بذلك سفك الدماء.

قال ابن رشد: وبالجملة.

فقاعدة الدماء مبناها في الشرع على أنها لا تراق إلا بالبينة العادلة، بالاعتراف، ومن الواجب ألا تخصص هذه القاعدة بالاسم المشترك.

فأبو حنيفة في هذه المسألة أولى بالصواب إن شاء الله.

وقد اعترف أبو المعالي في كتابه " البرهان " بقوة أبي حنيفة في هذه المسألة، وهو شافعي.

التفريق بين المتلاعنين: إذا تلاعن الزوجان وقعت الفرقة بينهما على سبيل التأكيد ولا يرتفع التحريم بينهما بحال.

فعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا ".

وعن علي وابن مسعود قالا: " مضت السنة ألا يجتمع المتلاعنان ".

رواهما الدارقطني.

ولانه قد وقع بينهما من التباغض والتقاطع ما أوجب القطيعة بينهما بصفة دائمة، لان أساس الحياة الزوجية السكن، والمودة، والرحمة، وهؤلاء قد فقدوا هذا الاساس، وكانت عقوبتهما الفرقة المؤبدة.

واختلف الفقهاء فيما إذا كذب الرجل نفسه، فقال الجمهور: إنما لا يجتمعان أبدا، وللاحاديث السابقة، وقال أبو حنيفة: إذا كذب نفسه جلد الحد، وجاز له أن يعقد عليها من جديد، واستدل أبو حنيفة بأنه إذا كذب

<<  <  ج: ص:  >  >>