للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أخذ بالتغريب الخلفاء الراشدون - ولم ينكره أحد - فالصديق رضي الله عنه غرب إلى فدك - والفاروق عمر رضي الله عنه إلى الشام - وعثمان رضي الله عنه إلى مصر - وعلي رضي الله عنه إلى البصرة.

ووالشافعية يرون انه لا ترتيب بين الجلد والتغريب فيقدم ما شاء منهما، واشترط في التغريب أن يكون إلى مسافة تقصر فيها الصلاة، لان المقصود به الايحاش عن أهله ووطنه، وما دون مسافة القصر في حكم الحضر، فإن رأى الحاكم تغريبه إلى أكثر من ذلك، فعل.

وإذا غربت المرأة، فإنها لاتغرب إلا بمحرم أو زوج فلو لم يخرج إلا بأجرة لزمت، وتكون من مالها.

٢ - وقال مالك والاوزاعي: يجب تغريب البكر الحر الزاني، دون المرأة البكر الحرة الزانية، فإنها لاتغرب، لان المرأة عورة.

٣ - وقال أبو حنيفة: لا يضم إلى الجلد التغريب إلا أن يرى الحاكم ذلك مصلحة، فيغربهما على قدر ما يرى.

حد المحصن: وأما المحصن الثيب فقد اتفق الفقهاء على وجوب رجمه (١) إذا زنا حتى يموت، رجلا كان أو امرأة.

واستدلوا بما يأتي:

١ - عن أبي هريرة قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهوفي المسجد، فناداه فقال: يا رسول الله، إني زنيت. فأعرض عنه.


فذهب بعضهم إلى النسخ، وهذا قول من يرى نسخ الكتاب بالسنة.
وقال آخرون: بل هو مبين للحكم الموعود بيانه في الآية، فكأنه قال عقوبتهن إلى أن
يجعل الله لهن سبيلا، فوقع الامر بحبسهن إلى غاية.
فلما انتهت مدة الحبس، وحان وقت مجئ السبيل " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خذوا عني ... خذوا عني " إلى آخره تفسيرا للسبيل وبيانه، ولم يكن ذلك ابتداء حكم منه، وإنما هربيان أمر كان ذكر السبيل منطويا عليه، فابان المبهم منه، وفصل المجمل من لفظه، فكان نسخ الكتاب بالكتاب لا بالسنة.
وهو أصوب القولين، والله أعلم.
(١) الرجم: أصله الرمي بالحجارة، وهي الحجارة الضخام وكل رجم في القرآن معناه القتل.

<<  <  ج: ص:  >  >>