للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويروي ابن وهب أن عمر بن الخطاب، بعد أن أمر كثير بن الصلت بقطع أيدي الذين سرقوا، أرسل وراءه من يأتيه بهم، فجاء بهم، فقال لعبد الرحمن بن حاطب: " أما لولا أني أظنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى لو وجدوا ما حرم الله لاكلوه لقطعتهم، ولكن والله إذ تركتهم لاغر منك غرامة توجعك ".

الصفات التي يجب اعتبارها في المال المسروق: وأما الصفات التي يجب اعتبارها في المال المسروق فهي: (أولا) أن يكون مما يتمول ويملك ويحل بيعه وأخذ العوض عنه، فلا قطع على من سرق الخمر والخنزير حتى لو كان المالك لهما ذميا لان الله حرم ملكيتهما والانتفاع بهما بالنسبة للمسلم والذمي على السواء (١) .

وكذلك لا قطع على سارق أدوات اللهو مثل: العود، والكمنج، والمزمار، لانها آلات لا يجوز استعمالها عند كثير من أهل العلم، فهي ليست مما يتمول ويتملك ويحل بيعه، وأما الذين يبيحون استعمالها فيهم يتفقون مع من يحرمها في عدم قطع يد سارقها لوجود شبهة، والشبهات مسقطة للحدود.

واختلف العلماء في سرقة الحر الصغير غير المميز.

فقال أبو حنيفة والشافعي: لا قطع على من سرقه لانه ليس بمال ويعزر وإن كان عليه حلي أو ثياب فلا يقطع أيضا، لان ما عليه من الحلي تبع له

وليست مقصودة بالاخذ (٢) .

وقال مالك: في سرقته القطع، لانه من أعظم المال ولم يقطع السارق في المال لعينه، وإنما قطع لتعلق النفوس به، وتعلقها بالحر أكثر من تعلقها بالعبد.

وسارق العبد الصغير غير المميز يقطع، لانه مال متقوم، وأما المميز فإنه لا يحد سارقه، لانه وإن كان مالا يباع ويشترى فإن له سلطانا على نفسه فلا يعد محرزا.


(١) يرى أبو حنيفة أنه يباح للذمي الخمر والخنزير وأن على متلفهما ضمان القيمة، ولكنه يتفق مع الفقهاء في عدم قطع من سرقهما لعدم كمال المالية الذي هو شرط الحد.
(٢) قال أبو يوسف: يقطع إذا كان الحلي قدر النصاب لانه إذا سرق الحلي وحده أو الثياب وحدها فإنه يقطع فيهما فكذا لو سرقها مع غيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>