للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القتل شبه العمد: والقتل شبه العمد: هو أن يقصد المكلف قتل إنسان معصوم الدم بما لا يقتل عادة، كأن يضربه بعصا خفيفة أو حجر صغير، أو لكزه بيده، أو سوط ونحو ذلك.

فإن كان الضرب بعصا خفيفة أو حجر صغير " ضربة أو ضربتين " فمات من ذلك الضرب، فهو قتل شبه عمد (١) .

فإن كان الضرب في مقتل أو كان المضروب صغيرا أو كان مريضا يموت من مثل هذا الضرب غالبا، أو كان قويا، غير أن الضارب والى الضرب حتى مات فإنه يكون عمدا.

وسمي يشبه العمد، لان القتل متردد بين العمد والخطأ، إذ أن الضرب مقصود، والقتل غير مقصود.

ولهذا أطلق عليه شبه العمد، فهو ليس عمدا محضا، ولاخطأ محضا.

ولما لم يكن عمدا محضا سقط القود، لان الاصل صيانة الدماء فلا تستباح، إلا بأمر بين.

ولما لم يكن خطأ محضا، لان الضرب مقصود بالفعل دون القتل وجبت فيه دية مغلظة.

روى الدارقطني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " العمد قود اليد، والخطأ عقل لا قود فيه، ومن قتل في عمية بحجر أو عصا أو سوط، فهو دية مغلظة في أسنان الابل ".

وأخرج أحمد وأبو داود عن عمرو بين شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عقل شبه العمد مغلظ، كعقل العمد، ولا يقتل صاحبه، وذلك أن

ينزو الشيطان بين الناس، فتكون الدماء في غير ضغينة ولاحمل سلاح ".


(١) هذا مذهب أبي حنيفة والشافعي، وجماهير الفقهاء، وخالف في ذلك: مالك والليث، والهادوية: فذهبوا إلى أن القتل إذا كان بآلة لا يقصد بمثلها القتل غالبا، كالعصا والسوط واللطمة ونحو ذلك، فإنه يعتبر عمدا وفيه القصئاص، إذ الاصل عندهم عدم اعتبار الآلة في إزهاق الروح.
فكل ما أزهق الروح أوجب القصاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>