للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" فكوا العاني (١) ، وأجيبوا الداعي، وأطعموا الجائع، وعودوا المريض ".

وتقدم أن ثماقة بن أثال وقع أسيرا في أيدي المسلمين، فجاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " أحسنوا إساره ".

وقال: " اجمعوا ما عندكم من طعام فابعثوا به إليه ".

فكانوا يقدمون إليه لبن لقحة (٢) الرسول صلى الله عليه وسلم غدوا ورواحا.

ودعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاسلام، فأبى، وقال له: إن أردت الفداء، فاسأل ما شئت ما المال.

فمن عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأطلق سراحه بدون فداء، فكان ذلك من أسباب دخوله في الاسلام.

وقد جاء في الصحاح في شأن أسرى غزوة بني المصطلق - وكان من بينهم جويرية بنت الحارث - أن أباها الحارث بن أبي ضرار، حضر إلى المدينة ومعه كثير من الابل ليفتدي بها ابنته، وفي وادي العقيق، قبل المدينة بأميال، أخفى اثنين من الجمال أعجباه في شعب بالجبل، فلما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا محمد أصبتم ابنتي، وهذا فداؤها.

فقال عليه الصلاة والسلام: " فأين البعيران اللذان غيبتهما بالعقيق في شعب كذا "؟ فقال الحارث: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، والله ما أطلعك على ذلك إلا الله. وأسلم الحارث وابنان له، وأسلمت ابنته أيضا، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيها وتزوجها، فقال الناس: لقد أصبح هؤلاء الاسرى الذين بأيدينا أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنوا عليهم بغير فداء.

وتقول عائشة رضي الله عنها: " فما أعلم أن امرأة كانت أعظم بركة على قومها من جويرية، إذ بتزوج الرسول صلى الله عليه وسلم إياها أعتق مائة من أهل بيت بني المصطلق ".

ولمثل هذا تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من جويرية، لا لشهوة يقضيها، بل لمصلحة شرعية يبتغيها، ولو كان يبغي الشهوة لاخذها أسيرة حرب بملك اليمين.


(١) العاني: الاسير.
(٢) اللقحة: الناقة الحلوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>