للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقولان مبنيان على أن السؤال: هل وقع عن البيع لهذا الانتفاع المذكور، أو عن الانتفاع المذكور؟ والاول اختاره شيخنا.

وهو الاظهر.

لانه لم يخبرهم أولا عن تحريم هذا الانتفاع حتى يذكروا له حاجتهم إليه، وإنما أخبرهم عن تحريم البيع فأخبروه أنهم يبيعونه لهذا الانتفاع فلم يرخص لهم في البيع ولم ينههم عن الانتفاع المذكور، ولا تلازم بين عدم جواز البيع وحل المنفعة) اه.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: (قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه (١) ثم باعوه وأكلوا ثمنه) .

والعلة في تحريم بيع الثلاثة الاولى، هي النجاسة عند جمهور العلماء، (٢) فيتعدى ذلك إلى كل نجس.

والظاهر أن تحريم بيعها لانها تسلب الانسان أعظم مواهب الله له وهو العقل فضلا عن أضرارها الاخرى التي أشرنا إليها في الجزء التاسع.

وأما الخنزير فمع كونه نجسا إلا أن به ميكروبات ضارة لا تموت بالغلي وهو يحمل الدودة الشريطية

التي تمتص الغذاء النافع من جسم الانسان.

وأما تحريم بيع الميتة فلانها غالبا ما يكون موتها نتيجة أمراض فيكون تعاطيها مضرا بالصحة، فضلا عن كونها مما تعافه النفوس.

وما يموت فجأة من الحيوانات فإن الفساد يتسارع إليه لاحتباس الدم فيه.

والدم أصلح بيئة لنمو الميكروبات التي قد لا تموت بالغلي.

ولذلك حرم الدم المسفوح أكله وبيعه لنفس الاسباب.


(١) جملوه، أي: أذابوه.
(٢) يراجع التحقيق في نجاسة الخمر في الجزء الاول من فقه السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>