للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا في زكاة المال، أما زكاة الفطر، فإنها تفرق في البلد الذي وجبت عليه فيه، سواء كان ماله فيه، أم لم يكن لان الزكاة تتعلق بعينه - وهو سبب الوجوب - لا المال.

الخطا في مصرف الزكاة: تقدم الكلام على من تحل لهم الصدقة، ومن تحرم عليهم.

ثم إنه لو أخطأ المزكي، وأعطى من تحرم عليه، وترك من تحل له دون علمه، ثم تبين له خطؤه، فهل يجزئه ذلك، وتسقط عنه الزكاة، أم أن الزكاة لا تزال دينا في ذمته، حتى يضعها موضعها؟ اختلفت أنظار الفقهاء في هذه المسألة: فقال أبو حنيفة، ومحمد، والحسن، وأبو عبيدة: يجزئه ما دفعه ولا يطالب بدفع زكاة أخرى.

فعن معن بن يزيد قال: كان أبي أخرج دنانير، يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت فأخذتها فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت. فخاصمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن ".

رواه أحمد، والبخاري.

والحديث، وإن كان فيه احتمال كون الصدقة نفلا، إلا أن لفظ: " ما " في قوله: " لك ما نويت " يفيد العموم.

ولهم أيضا في الاحتجاج حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: " قال رجل (١) : لاتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق (٢) فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على سارق فقال: اللهم لك الحمد (٣) لا تصدقن بصدقة.

فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، لاتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد غني. فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على غني فقال. اللهم لك الحمد على زانية، وعلى سارق، وعلى


(١) من بني إسرائيل.
(٢) وهو لا يعلم.
(٣) حمد الله على تلك الحال، لانه لا يحمد على مكروه سواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>