للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حزم: ويستحب القيام للجنازة إذا رآها المرء.

وإن كانت جنازة كافر حتى توضع أو تخلفه، فإن لم يقم فلا حرج.

استدل القائلون بالاستحباب

بما رواه الجماعة عن ابن عمر عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع " ولاحمد: وكان ابن عمر إذا رأى جنازة قام حتى تجاوزه.

وروى البخاري ومسلم عن سهل بن حنيف وقيس بن سعد أنهما كانا قاعدين بالقادسية، فمروا عليهما بجنازة فقاما.

فقيل لهما: إنها من أهل الارض - أي من أهل الذمة - فقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام.

فقيل له: إنها جنازة يهودي.

فقال: " أو ليست نفسا ".

وللبخاري عن أبي ليلى قال: كان ابن مسعود وقيس يقومان للجنازة.

والحكمة في القيام، ما جاء في رواية أحمد وابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا " إنما تقومون إعظاما للذي يقبض النفوس "، ولفظ ابن حبان " إعظاما لله تعالى الذي يقبض الارواح ".

وجملة القول: إن العلماء اختلفوا في هذه المسألة فمنهم من ذهب إلى القول بكراهة القيام للجنازة، ومنهم من ذهب إلى استحبابه، ومنهم من رأى التخيير بين الفعل والترك، ولكل حجته ودليله.

والمكلف إزاء هذه الاراء له أن يتخير منها ما يطمئن له قلبه.

والله أعلم.

٥ - اتباع النساء لها: لحديث أم عطية قالت: نهينا أن نتبع الجنائز، ولم يعزم (١) علينا.

رواه أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجه.

وعن عبد الله ابن عمرو قال: بينما نحن نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ بصر بامرأة


(١) أي لم يوجب علينا. قال الحافظ في الفتح: " ولم يعزم علينا " أي لم يؤكد علينا في المنع كما أكد علينا في غيره من المنهيات، فكأنها قالت كره لنا اتباع الجنائز من غير تحريم.
وقال القرطبي: ظاهر سياق أم عطية أن النهي نهي تنزيه، وبه قال جمهور أهل العلم، ومال مالك إلى الجواز، وهو قول أهل المدينة، ويدل على الجواز ما رواه ابن أبي شيبة من طريق محمد بن عمرو بن عطاء
عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جنازة، ورأى عمر امرأة فصاح بها، فقال: " دعها يا عمر.." الحديث: وأخرجه ابن ماجه والنسائي من هذا الوجه ومن طريق أخرى عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سلمة بن الازرق عن أبي هريرة.
ورجاله ثقات. وقال المهلب: في حديث أم عطية دلالة على أن النهي من الشارع على درجات. ا. هـ
.

<<  <  ج: ص:  >  >>