للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال القرطبي: المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة لا يرتفع عن ذلك إلا بالتزوج، لا يختلف في وجوب التزويج عليه.

فإن قلت نفسه إليه وعجز عن الانفاق على الزوجة فانه يسعه قول الله تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله) .

وليكثر من الصيام، لما رواه الجماعة عن ابن مسعود رضي الله عنه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر (١) الشباب، من استطاع منكم الباءة (٢) فليتزوج، فإنه (٣) أغض للبصر. وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء) (٤) .

من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنه. فليتزوج. ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء.

الزواج المستحب:

أما من كان تائقا له وقادرا عليه ولكنه يأمن على نفسه من اقتراف ما حرم الله عليه الزواج يستحب له، ويكون أولى من التخلي للعبادة، فإن الرهبانية ليست من الاسلام في شئ.

روى الطبراني عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة) (٥) .

وروى البيهقي من حديث أبي أمامة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تزوجوا فإني مكاثر بكم الامم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى) (٦) .

وقال عمر لابي الزوائد: إنما يمنعك من التزوج عجز أو فجور.


(١) المعشر: الطائفة يشملهم وصف، فالانبياء معشر، والشيوخ معشر، والشباب معشر، والنساء معشر ... وهكذا.
(٢) الباءة: الجماع.
(٣) اغض واحصن: أشد غضا للبصر، واشد إحصانا للفرج ومنعا من الوقوع في الفاحشة.
(٤) الوجاء: رض الخصيتين، والمراد هنا أن الصوم يقطع الشهوة ويقطع شر المني كما يفعله الوجاء.
(٥) إذ انها مخالفة لطبيعة الانسان، وما كان الله ليشرع إلاما يتفق وطبيعته.
(٦) في مسنده محمد بن ثابت وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>