للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعض علماء المالكية: (١) إن على الزوجة خدمة مسكنها، فإن كانت شريفة المحل ليسار أبوة، أو ترفه، فعليها التدبير للمنزل وأمر الخادم، وإن كانت متوسطة الحال، فعليها أن تفرش الفراش ونحو ذلك.

وإن كانت دون ذلك، فعليها أن تقم البيت وتطبخ وتغسل، وإن كانت من نساء الكرد والديلم والجبل كلفت ما يكلفه نساؤهم.

وذلك أن الله تعالى قال: " ولهن مثل الذي عليهن، بالمعروف (٢) ".

وقد جرى عرف المسلمين في بلدانهم في قديم الامر وحديثه بما ذكرنا.

ألا ترى أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كانوا يتكلفون الطحين والخبز والطبيخ وفرش الفراش، وتقريب الطعام وأشباه ذلك، ولا نعلم امرأة امتنعت عن ذلك، ولا يسوغ لها الامتناع، بل كانوا يضربون نساءهم إذا قصرن في ذلك، ويأخذنهن بالخدمة. فلولا أنها مستحقة لما طالبوهن.

هذا هو المذهب الصحيح خلافا لما ذهب إليه مالك وأبو حنيفة والشافعي من عدم وجوب خدمة المرأة لزوجها، وقالوا إن عقد الزواج إنما اقتضى الاستمتاع لا الاستخدام وبذل المنافع.

والاحاديث المذكورة تدل على التطوع ومكارم الاخلاق.

[تجاوز الصدق بين الزوجين]

المحافظة على الانسجام في البيت، وتقوية روابط الاسرة غاية من الغايات التي يستباح من أجل الحصول عليها تجاوز الصدق.

روي أن ابن أبي عذرة الدؤلي - أيام خلافة عمر رضي الله عنه - كان يخلع النساء اللائي يتزوج بهن، فطارت له في النساء من ذلك أحدوثة يكرهها، فلما علم بذلك أخذ بيد عبد الله بن الارقم حتى أتى به إلا منزله، ثم قال لامرأته: أنشدك بالله (٣) هل تبغضينني؟ قالت: لا تنشدني بالله.


(١) من تفسير القرطبي.
(٢) سورة البقرة الاية: ٢٢٩.
(٣) أسألك.

<<  <  ج: ص:  >  >>