للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستدل من مجموع الأدلة السابقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم يقيناً تعيين ليلة القدر، وقد أراد عليه الصلاة والسلام الإخبار بها، لكنه نُسِّي ذلك، مرة بسبب اختصام رجلين، يدعي كل منهما أنه محقّ فيما ذهب إليه، وأخرى بسبب إيقاظ أهله له، فلم يذكر بسبب ذلك رؤيا عيَّنَتْ له مَحَلَّ ليلة القدر، والله أعلم (٢٥٠) .

فائدة:

سبق أن سبب نسيان النبيِّ صلى الله عليه وسلم كان تنازع رجلين، ومما يستفاد من ذلك [شؤم التنازع، وأن المخاصمة والمنازعة مذمومة، وأنها سبب للعقوبة المعنوية، وأن المماراة تقطع الفائدة والعلمَ النافع] (٢٥١) بخلاف ما يظنه كثير من الناس، من أن مدارسة العلم تقتضي المراء في بعض مسائله، والحرص على جَدْل الخصم عن رأيه، انتصاراً للنفس لا إظهارًا للحق وطلباً له.

هذا، ومما يستفاد من الحديث بجملته: الإرشاد إلى ترك المخاصمة في شأن العلم، وكذلك توقير أهل


(٢٥٠) القول بتعدد سبب نسيانه صلى الله عليه وسلم قوّاه ابن حجر في الفتح (٤/٣١٥) ، والقسطلاني في الإرشاد (٤/٥٩٤) .
(٢٥١) انظر: المُفهم للقرطبي (٤/١٩٥٣) ، وتفسير ابن كثير ص (١٨٦٢) ، كذلك: المنهاج للنووي (٨/٣٠٤) .

<<  <   >  >>