للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَذَابِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا} [الكهف: ٢٩] مُمْتَنِعٌ عَقْلًا وَفِي قَوْلِهِ طَلِّقْ امْرَأَتِي إنْ كُنْتَ رَجُلًا الْحَقِيقَةُ مُمْتَنِعَةٌ عُرْفًا وَفِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» الْحَقِيقَةُ غَيْرُ مُرَادَةٍ عَقْلًا وَفِي لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَوْ الدَّقِيقِ حِسًّا وَفِي لَا يَشْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْبِئْرِ حِسًّا وَعُرْفًا وَفِي لَا يَضَعُ قَدَمَهُ عُرْفًا وَفِي الْأَسْمَاءِ الْمَنْقُولَةِ إمَّا عُرْفًا عَامًّا أَوْ خَاصًّا أَوْ شَرْعًا وَفِي التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ شَرْعًا فَإِنْ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ مُمْتَنِعٌ فِي قَوْلِهِ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ حِسًّا لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ عَدَمُ أَكْلِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ حِسًّا بَلْ أَكْلُهَا كَذَلِكَ، قُلْنَا الْيَمِينُ إذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّفْيِ كَانَتْ لِلْمَنْعِ فَوَجَبَ الْيَمِينُ أَنْ يَصِيرَ مَمْنُوعًا بِالْيَمِينِ وَمَا لَا يَكُونُ مَأْكُولًا حِسًّا أَوْ عَادَةً لَا يَكُونُ مَمْنُوعًا بِالْيَمِينِ ثُمَّ عُطِفَ أَوَّلُ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْمَجَازِ مِنْ قَرِينَةٍ قَوْلُهُ (فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْحَقِيقَةُ مُسْتَعْمَلَةً وَالْمَجَازُ مُتَعَارَفًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ أَوْلَى لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يُتْرَكُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَعِنْدَهُمَا الْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ أَوْلَى وَنَظِيرُهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ يُصْرَفُ إلَى الْقَضْمِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا إلَى أَكْلِ مَا فِيهَا)

(مَسْأَلَةٌ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ وَالْمَجَازِيُّ مَعًا كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا أَوْ مَعْرُوفَةُ النَّسَبِ هَذِهِ بِنْتِي أَمَّا الْحَقِيقَةُ) أَيْ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ (وَهُوَ النَّسَبُ فِي الْفَصْلِ

ــ

[التلويح]

فَهُوَ عَيْنُ الْجَوَابِ، وَالْخُصُومَةُ لَمْ تُجْعَلْ مَجَازًا عَنْ الْإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ ضِدُّهَا بَلْ عَمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ (قَوْلُهُ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ) عَطْفُ هَذَا الْبَحْثِ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَرِينَةِ فِي الْمَجَازِ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّ تَعَارُفَ الْمَجَازِ هَلْ يَكُونُ قَرِينَةً مَانِعَةً عَنْ إرَادَةِ حَقِيقَةٍ عِنْدَ إطْلَاقِ اللَّفْظِ أَمْ لَا فَتَقُولُ إنَّ الْحَقِيقَةَ إذَا كَانَتْ مَهْجُورَةً فَالْعَمَلُ بِالْمَجَازِ اتِّفَاقًا، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَصِرْ الْمَجَازُ مُتَعَارَفًا أَيْ غَالِبًا فِي التَّعَامُلِ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَفِي التَّفَاهُمِ عِنْدَ الْبَعْضِ فَالْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ صَارَ مُتَعَارَفًا فَعِنْدَهُ الْعِبْرَةُ بِالْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يُتْرَكُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَعِنْدَهُمَا الْعِبْرَةُ بِالْمَجَازِ لِأَنَّ الْمَرْجُوحَ فِي مُقَابَلَةِ الرَّاجِحِ سَاقِطٌ بِمَنْزِلَةِ الْمَهْجُورِ فَيُتْرَكُ ضَرُورَةً، وَجَوَابُهُ أَنَّ غَلَبَةَ اسْتِعْمَالِ الْمَجَازِ لَا تَجْعَلُ الْحَقِيقَةَ مَرْجُوحَةً لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَا تَتَرَجَّحُ بِالزِّيَادَةِ مِنْ جِنْسِهَا فَيَكُونُ الِاسْتِعْمَالُ فِي حَدِّ التَّعَارُضِ، وَهَذَا مُشْعِرٌ بِتَرَجُّحِ الْمَجَازِ الْمُتَعَارَفِ عِنْدَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ عَامًّا مُتَنَاوِلًا لِلْحَقِيقَةِ أَمْ لَا، وَفِي كَلَامِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَغَيْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَتَرَجَّحُ عِنْدَهُمَا إذَا تَنَاوَلَ الْحَقِيقَةَ بِعُمُومِهِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ أَكْلِ الْحِنْطَةِ حَيْثُ قَالُوا إنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي جِهَةِ خَلْفِيَّةِ الْمَجَازِ فَعِنْدَهُمَا لَمَّا كَانَتْ الْخَلَفِيَّةُ فِي الْحُكْمِ كَانَ حُكْمُ الْمَجَازِ لِعُمُومِهِ حُكْمَ الْحَقِيقَةِ أَوْلَى وَعِنْدَهُ لَمَّا كَانَ فِي التَّكَلُّمِ كَانَ جَعْلُ الْكَلَامِ عَامِلًا فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ أَوْلَى

[مَسْأَلَةٌ قَدْ يَتَعَذَّرُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ وَالْمَجَازِيُّ مَعًا]

(قَوْلُهُ أَوْ مَعْرُوفَةُ النَّسَبِ) قَيَّدَ الْأَصْغَرَ بِذَلِكَ لِأَنَّ تَعَذُّرَ الْحَقِيقَةِ فِيهَا أَظْهَرُ، وَإِلَّا فَفِي الْأَصْغَرِ الْمَجْهُولَةِ النَّسَبِ أَيْضًا لَا يَثْبُتُ لِلتَّحْرِيمِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>