للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا لُغَوِيٌّ فَيَكُونُ ثَابِتًا اقْتِضَاءً فَلَا يَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ فَكَذَلِكَ ثُبُوتُ الْبَيْنُونَةِ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ بَائِنٌ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ أَيْضًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ، وَقَوْلُهُ قُلْنَا نَعَمْ لَكِنَّ الْبَيْنُونَةَ جَوَابٌ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ، وَوَجْهُهُ أَنَّا سَلَّمْنَا أَنَّ الْبَيْنُونَةَ ثَابِتَةٌ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ لَكِنَّ الْبَيْنُونَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ الْبَيْنُونَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْخَفِيفَةِ، وَهِيَ الَّتِي يُمْكِنُ رَفْعُهَا، وَالْغَلِيظَةِ، وَهِيَ الَّتِي لَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا، وَهِيَ الثَّلَاثُ أَوْ هِيَ جِنْسٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا، وَنِيَّةُ أَحَدِ الْمُحْتَمَلَيْنِ صَحِيحَةٌ فِي الْمُقْتَضَى، وَكَذَلِكَ نِيَّةُ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ أَحَدُهُمَا، وَلَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ أَحَدَهُمَا لَكِنْ لَا يَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ فِيهِ إذْ لَا عُمُومَ لِلْمُقْتَضَى، وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْأَفْرَادِ أَصْلًا؛ وَلِأَنَّ الْمُقْتَضَى ثَابِتٌ ضَرُورَةً، وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْعَدَدِ الْمُعَيَّنِ فَيَثْبُتُ مَا تَرْتَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ، وَهُوَ الْأَقَلُّ الْمُتَيَقَّنُ، وَلَا كَذَلِكَ فِي النَّوْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا الْأَقَلُّ الْمُتَيَقَّنَ؛ لِأَنَّ الْأَنْوَاعَ لَا تَكُونُ إلَّا مُتَنَافِيَةً فَلَا بُدَّ وَأَنْ تَصِحَّ نِيَّةُ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ.

وَأَيْضًا لَا تَصِحُّ نِيَّةُ الْمَجَازِ فِي الْمُقْتَضَى كَنِيَّةِ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فِي أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا وَاحِدٌ اعْتِبَارِيٌّ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَوْلُهُ، وَلَا كَذَلِكَ الطَّلَاقُ فَإِنَّهُ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَفْرَادِهِ بِحَسَبِ النَّوْعِ بَلْ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْعَدَدِ فَقَطْ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الطَّلَاقَ يَتَنَوَّعُ عَلَى مَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ وَعَلَى مَا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ أَصْلًا، وَقَوْلُهُ، وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ أَيْ بِالْمُقْتَضَى هُوَ الْمَحْذُوفُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَشْتَبِهُ عَلَى بَعْضِ

ــ

[التلويح]

الْمِلْكِ لِكَوْنِهِ مُعَلَّقًا بِشَرْطِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ جَعْلِهِ بَائِنًا، وَلَا إزَالَةَ لِحِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى انْضِمَامِ الطَّلْقَتَيْنِ إلَيْهِ، وَعَدَمُ ثُبُوتِ حُكْمِ الشَّيْءِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ شَرَائِطِهِ لَيْسَ رَفْعًا لَهُ.

(قَوْلُهُ، وَمِمَّا يَتَّصِلُ) وَجْهُ اتِّصَالِ الْمَحْذُوفِ بِالْمُقْتَضَى ظَاهِرٌ حَتَّى إنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأُصُولِيِّينَ جَعَلُوهُ مِنْ الْمُقْتَضَى، وَفَسَّرُوا الْمُقْتَضَى بِجَعْلِ غَيْرِ الْمَنْطُوقِ مَنْطُوقًا تَصْحِيحًا لِلْمَنْطُوقِ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا أَوْ لُغَةً، وَبَعْضُهُمْ فَرَّقُوا بِأَنَّ الْمَحْذُوفَ مَفْهُومٌ يُغَيِّر إثْبَاتُهُ الْمَنْطُوقَ، وَالْمُقْتَضَى مَفْهُومٌ لَا يُغَيِّرُ إثْبَاتُهُ الْمَنْطُوقَ فَالْمَحْذُوفُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمَذْكُورِ يَجْرِي فِيهِ مَا يُنَاسِبُهُ مِنْ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَتَكُونُ دَلَالَتُهُ عَلَى مَعْنَاهُ عِبَارَةً أَوْ إشَارَةً أَوْ دَلَالَةً أَوْ اقْتِضَاءً، وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ تَوَجُّهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُقْتَضَى وَالْمَحْذُوفِ وُجُودُ التَّغْيِيرِ وَعَدَمُهُ، فَلَا تَغْيِيرَ فِي مِثْلِ فَانْفَجَرَتْ، أَيْ فَضَرَبَهُ فَانْفَجَرَتْ، وقَوْله تَعَالَى حِكَايَةً {فَأَرْسِلُونِ - يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} [يوسف: ٤٥ - ٤٦] ، أَيْ أَرْسَلُوهُ فَأَتَاهُ، وَقَالَ: أَيُّهَا الصِّدِّيقُ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْمَحْذُوفِ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ عَدَمَ التَّغْيِيرِ لَازِمٌ فِي الْمُقْتَضَى وَلَيْسَ بِلَازِمٍ فِي الْمَحْذُوفِ لَمْ يَتَمَيَّزْ الْمَحْذُوفُ الَّذِي لَا تَغْيِيرَ فِيهِ عَنْ الْمُقْتَضَى

[فَصْلٌ مَفْهُوم الْمُخَالَفَةِ]

[شَرْطُ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ]

(قَوْلُهُ فَصْلٌ) قَسَّمَ الشَّافِعِيَّةُ الْمَفْهُومَ إلَى مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ، أَيْ غَيْرُ الْمَذْكُورِ مُوَافِقًا لِلْمَنْطُوقِ، أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الْحُكْمِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا، وَإِلَى مَفْهُومِ مُخَالَفَةٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَسْكُوتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>