للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضِ أَهْلِ الْحَدِيثِ النَّقْلُ بِالْمَعْنَى «لِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً أَيْ: نَعَّمَ اللَّهُ سَمِعَ مِنَّا مَقَالَةً فَوَعَاهَا، وَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا» ؛ لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَعِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ يَجُوزُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَزِيمَةَ هُوَ الْأَوَّلُ وَالتَّبَرُّكُ بِلَفْظِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْلَى لَكِنْ إذَا ضَبَطَ الْمَعْنَى وَنَسِيَ اللَّفْظَ فَالضَّرُورَةُ دَاعِيَةٌ إلَى مَا ذَكَرْنَا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ أَنْوَاعٌ) أَيْ: الْحَدِيثُ فِي النَّقْلِ بِالْمَعْنَى أَنْوَاعٌ (فَمَا كَانَ مُحْكَمًا يَجُوزُ لِلْعَالِمِ بِاللُّغَةِ، وَمَا كَانَ ظَاهِرًا يَحْتَمِلُ الْغَيْرَ كَعَامٍّ يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ أَوْ حَقِيقَةٍ تَحْتَمِلُ الْمَجَازَ يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ فَقَطْ، وَمَا كَانَ مُشْتَرَكًا أَوْ مُجْمَلًا أَوْ مُتَشَابِهًا أَوْ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ لَا يَجُوزُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ ` ` فِي الْأَوَّلِ) أَيْ: الْمُشْتَرَكِ (إنْ أَمْكَنَ التَّأْوِيلُ فَتَأْوِيلُهُ لَا يَصِيرُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ) أَيْ: الْمُجْمَلِ وَالْمُتَشَابِهِ (لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُمَا بِالْمَعْنَى، وَفِي الْأَخِيرِ) أَيْ: مَا كَانَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ (لَا يُؤْمَنُ الْغَلَطُ فِيهِ لِإِحَاطَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِمَعَانٍ تَقْصُرُ عَنْهَا عُقُولُ غَيْرِهِ) .

(فَصْلٌ) فِي الطَّعْنِ، وَهُوَ إمَّا مِنْ الرَّاوِي أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ إمَّا بِأَنْ يَعْمَلَ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الرِّوَايَةِ فَيَصِيرُ مَجْرُوحًا كَحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» ثُمَّ زَوَّجَتْ بَعْدَهَا ابْنَةَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ غَائِبٌ وَكَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ صَحِبْت ابْنَ عُمَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَشْرَ سِنِينَ فَلَمْ أَرَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ

ــ

[التلويح]

وَفِي «الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ» ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ جَوَامِعِ الْكَلِمِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ لِمَعْرِفَةِ النَّاقِلِ بِمَوَاقِعِ الْأَلْفَاظِ، وَالْعُمْدَةُ فِي جَوَازِ ذَلِكَ مَا وَرَدَ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَمَرَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِكَذَا وَنَهَى عَنْ كَذَا وَرَخَّصَ فِي كَذَا وَشَاعَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: فَمَا كَانَ مُحْكَمًا) أَيْ: مُتَّضِحَ الْمَعْنَى بِحَيْثُ لَا يَشْتَبِهُ مَعْنَاهُ، وَلَا يَحْتَمِلُ وُجُوهًا مُتَعَدِّدَةً عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ لَا مَا يَحْتَمِلُ النَّسْخَ عَلَى مَا هُوَ الْمُصْطَلَحُ فِي أَقْسَامٍ الْكِتَابِ

[فَصْلٌ فِي الطَّعْنِ]

(قَوْلُهُ: فَصْلٌ فِي الطَّعْنِ) كَحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَدْ يُقَالُ: إنَّ غَيْبَةَ الْأَبِ لَا تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ بِلَا وَلِيٍّ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ تَنْتَقِلُ إلَى الْأَبْعَدِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْأَقْرَبِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَمِلَ)

أَيْ: الرَّاوِي بِخِلَافِ مَا رَوَى قَبْلَ الرِّوَايَةِ لَا يُجَرَّحُ لِجَوَازِ أَنَّهُ كَانَ مَذْهَبَهُ فَتَرَكَهُ بِالْحَدِيثِ وَكَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ التَّارِيخُ؛ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ بِيَقِينٍ، فَلَا يَسْقُطُ بِالشَّكِّ.

(قَوْلُهُ: عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) تَرَكَ بَيْنَهُمَا ذِكْرَ عُرْوَةَ، وَهُوَ الرَّاوِي عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -.

(قَوْلُهُ: لِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ) هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ، وَقِيلَ لِطُولِ يَدَيْهِ اسْتَدَلَّ بِالْقِصَّةِ عَلَى أَنَّ رَدَّ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ لَا يَكُونُ جَرْحًا وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَبِلَ رِوَايَةَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى رَأْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>