للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى قَوْلِهِ «مِثْلًا بِمِثْلٍ» ) أَيْ: يُصْرَفُ الْإِيجَابُ إلَى قَوْلِهِ «مِثْلًا بِمِثْلٍ» كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] يُصْرَفُ الْإِيجَابُ إلَى الْقَبْضِ حَتَّى يَصِيرَ الْقَبْضُ شَرْطًا لِلرَّهْنِ.

(فَتَكُونُ هَذِهِ الْحَالَةُ شَرْطًا وَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِ الْقَدْرُ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ أَيْضًا «كَيْلًا بِكَيْلٍ» ثُمَّ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَالْفَضْلُ رِبًا» أَيْ: الْفَضْلُ عَلَى الْقَدْرِ بِأَنَّهُ فَضْلٌ خَالٍ عَنْ عِوَضٍ فَحُكْمُ النَّصِّ وُجُوبُ الْمُسَاوَاةِ ثُمَّ الْحُرْمَةُ بِنَاءً عَلَى فَوْتِهَا وَالدَّاعِي إلَى هَذَا الْحُكْمِ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ إذْ بِهِمَا يُثْبِتُ الْمُسَاوَاةَ صُورَةً وَمَعْنًى، فَإِذَا وَجَدْنَا هَذِهِ الْعِلَّةَ فِي سَائِرِ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ اعْتَبَرْنَاهَا بِالْحِنْطَةِ، وَأَيْضًا حَدِيثُ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ فَاعْتَبِرُوا وَحَدِيثُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إلَى الْيَمَنِ قَالَ لَهُ بِمَ تَقْضِي؟ قَالَ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ أَقْضِي بِمَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ بِرَأْيِي. قَالَ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِهِ بِمَا يَرْضَى بِهِ رَسُولُهُ» .

(وَقَدْ رَوَيْنَا مَا هُوَ

ــ

[التلويح]

الزِّئْبَقِ مَعَ أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا إلَّا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوُجُودِ هُوَ الْوُجُودُ حَتَّى يَظْهَرَ دَلِيلُ الْعَدَمِ، وَالْأَصْلُ فِي الْمَعْدُومِ هُوَ الْعَدَمُ حَتَّى يَظْهَرَ دَلِيلُ الْوُجُودِ وَبِالْجُمْلَةِ الْحُكْمُ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ شَائِعٌ، فِيمَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ بِحَيْثُ لَا يَصِحُّ إنْكَارُهُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَالصِّفَةِ

[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقِيَاسِ]

(قَوْلُهُ: فَصْلٌ) فِي شَرَائِطِ الْقِيَاسُ عِبَارَةُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَصْلُ مَخْصُوصًا بِحُكْمِهِ بِنَصٍّ آخَرَ أَيْ: لَا يَكُونَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ مُنْفَرِدًا بِحُكْمِهِ بِسَبَبِ نَصٍّ آخَرَ دَالٍّ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، وَذَلِكَ كَمَا اُخْتُصَّ خُزَيْمَةُ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَحْدَهُ، يُقَالُ خُصَّ زَيْدٌ بِالذِّكْرِ إذَا ذُكِرَ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ، وَفِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ خُصَّ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِكَذَا وَكَذَا وَفِي الْكَشَّافِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: ٥] مَعْنَاهُ نَخُصُّكَ بِالْعِبَادَةِ لَا نَعْبُدُ غَيْرَكَ.

وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الْبَاءِ فِي الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ فَقَلِيلٌ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ فِي مَا زَيْدٌ إلَّا قَائِمٌ أَنَّهُ لِتَخْصِيصِ زَيْدٍ بِالْقِيَامِ لَكِنَّهُ مِمَّا يَتَبَادَرُ إلَيْهِ الْوَهْمُ كَثِيرًا حَتَّى إنَّهُ يَحْمِلُ الِاسْتِعْمَالَ الشَّائِعَ عَلَى الْقَلْبِ فَلِذَا غَيَّرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِبَارَةَ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى قَوْلِهِ أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ مَخْصُوصًا بِهِ كَاخْتِصَاصِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ بِخُزَيْمَةَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ فَحَسْبُهُ» وَذَلِكَ أَنَّهُ شَهِدَ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ أَدَّى الْأَعْرَابِيَّ ثَمَنَ نَاقَتِهِ أَوْ أَنَّهُ بَاعَ نَاقَتَهُ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ.

وَذَلِكَ التَّخْصِيصُ ثَبَتَ بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ فَهِمَ مِنْ بَيْنِ الْحَاضِرِينَ جَوَازَ الشَّهَادَةِ لِلرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَبَرَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُعَايَنَةِ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) أَيْ: مَعْدُولًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُدُولِ وَهُوَ لَازِمٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ مِنْ الْعَدْلِ وَهُوَ الصَّرْفُ فَيَكُونُ مُعْتَدِيًا.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْفِي رُكْنَ الصَّوْمِ) فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ صَحَّ قِيَاسُ الْوِقَاعِ نَاسِيًا عَلَى الْآكِلِ فِي عَدَمِ فَسَادِ الصَّوْمِ قُلْنَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ بَلْ بِدَلَالَةِ النَّصِّ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ بَقَاءَ صَوْمِ النَّاسِي فِي الْأَكْلِ إنَّمَا كَانَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ غَيْرُ جَانٍ لَا بِاعْتِبَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>