للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ هَذَا النَّصَّ مِنْ النُّصُوصِ الْمُعَلَّلَةِ.

(الثَّانِي يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ وَصْفًا لَازِمًا كَالثَّمَنِيَّةِ لِلزَّكَاةِ فِي الْمَضْرُوبِ عِنْدَنَا) فَإِنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ خُلِقَا ثَمَنًا، وَهَذَا الْوَصْفُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُمَا أَصْلًا (حَتَّى تَجِبَ الزَّكَاةُ فِي الْحُلِيِّ وَلِلرِّبَا عِنْدَهُ وَعَارِضًا كَالْكَيْلِ لِلرِّبَا) فَإِنَّ الْكَيْلَ لَيْسَ بِلَازِمٍ حِسًّا لِلْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ فَإِنَّهُمَا قَدْ يُبَاعَانِ وَزْنًا (وَجَلِيًّا وَخَفِيًّا عَلَى مَا يَأْتِي وَاسْمًا) أَيْ: اسْمَ جِنْسٍ «كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمُسْتَحَاضَةِ أَنَّهُ دَمُ عِرْقٍ انْفَجَرَ» ، وَهَذَا اسْمٌ مَعَ وَصْفٍ عَارِضٍ) الدَّمُ اسْمُ جِنْسٍ وَالِانْفِجَارُ وَصْفٌ عَارِضٌ، (وَحُكْمًا كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ» ) قَاسَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إجْزَاءِ قَضَاءِ الْحَجِّ عَنْ الْأَبِ عَلَى إجْزَاءِ قَضَاءِ دَيْنِ الْعِبَادِ عَنْ الْأَبِ وَالْعِلَّةُ كَوْنُهُمَا دَيْنًا، وَهُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لُزُومُ حَقٍّ

ــ

[التلويح]

النُّصُوصِ الْمُعَلَّلَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى بَاقِي الْمُقَدِّمَاتِ؛ وَلِأَنَّ وُجُوبَ التَّعْيِينِ وَالْمُمَاثَلَةِ فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ قَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ الْوَارِدِ فِيهَا، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ التَّعْلِيلِ، وَالتَّعْدِيَةِ عَدَمَ النَّصِّ فِي الْفَرْعِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا مُنَاقَشَةَ فِي الْمِثَالِ وَيَكْفِي فِيهِ الْفَرْضُ وَالتَّقْدِيرُ

[الثَّانِي كَوْنُ الْعِلَّة وَصْفًا لَازِمًا]

(قَوْلُهُ: الثَّانِي) إشَارَةٌ إلَى نَفْيِ شَرَائِطَ اعْتَبَرَهَا بَعْضُهُمْ فِي الْعِلَّةِ، وَهِيَ أَنْ تَكُونَ وَصْفًا لَازِمًا جَلِيًّا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ لَيْسَ بِمُرَكَّبٍ وَلَا حُكْمٍ شَرْعِيٍّ حَتَّى لَا يَجُوزَ التَّعْلِيلُ بِالْعَارِضِ؛ لِأَنَّ انْفِكَاكَهُ يُوجِبُ انْتِفَاءَ الْحُكْمِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ صَلَاحِيَةُ الْمَحَلِّ لِلِاتِّصَافِ بِهِ وَلَا بِالْخَفِيِّ كَرِضَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي ثُبُوتِ حُكْمِ الْبَيْعِ وَجَوَابُهُ يَأْتِي فِي فَصْلِ الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ أَنَّ الْخَفِيَّ قَدْ يَكُونُ أَقْوَى، وَالِاعْتِبَارُ بِالْقُوَّةِ أَوْلَى، وَلَا بِغَيْرِ الْمَنْصُوصِ لِمَا سَيَأْتِي مَعَ جَوَابِهِ وَلَا بِالْمُرَكَّبِ مِنْ وَصْفَيْنِ فَصَاعِدًا، وَإِلَّا لَكَانَتْ الْعِلَّةُ صِفَةً زَائِدَةً عَلَى الْمَجْمُوعِ ضَرُورَةَ أَنَّا نَعْقِلُ الْمَجْمُوعَ، وَنَجْهَلُ كَوْنَهُ عِلَّةً بِنَاءً عَلَى الذُّهُولِ أَوْ الْحَاجَةِ إلَى النَّظَرِ، وَالْمَجْهُولُ غَيْرُ الْمَعْلُومِ وَاللَّازِمُ وَهُوَ كَوْنُ الْعِلَّةِ صِفَةَ الْمَجْمُوعِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْكُلِّ إنْ لَمْ تَقُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ لَمْ تَكُنْ صِفَةً لَهُ، وَإِنْ قَامَتْ فَإِمَّا بِكُلِّ جُزْءٍ فَيَكُونُ كُلُّ جُزْءٍ عِلَّةً، وَالْمُقَدَّرُ خِلَافُهُ وَإِمَّا بِجُزْءٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ هُوَ الْعِلَّةُ، وَلَا مَدْخَلَ لِسَائِرِ الْأَجْزَاءِ وَإِمَّا بِالْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ الْمَجْمُوعُ، وَحِينَئِذٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَتْ يُنْقَلُ الْكَلَامُ إلَيْهَا وَإِلَى كَيْفِيَّةِ قِيَامِهَا بِالْمَجْمُوعِ وَيَتَسَلْسَلُ.

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً إلَّا قَضَاءَ الشَّارِعِ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ عِنْدَهَا رِعَايَةً لِمَصْلَحَةٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ صِفَةً لَهُ بَلْ جَعَلَهُ الشَّارِعُ مُتَعَلِّقًا بِهِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَالْعِلِّيَّةُ وِجْهَةُ، الْوِحْدَةِ مِنْ الِاعْتِبَارَاتِ مَتَى يَنْقَطِعُ التَّسَلْسُلُ فِيهَا بِانْقِطَاعِ الِاعْتِبَارِ وَلَا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مُتَقَدِّمٌ بِالزَّمَانِ عَلَى مَا فُرِضَ مَعْلُولًا فَيَلْزَمُ تَخَلُّفُ الْمَعْلُولِ، أَوْ مُتَأَخِّرٌ فَيَلْزَمُ تَقَدُّمُ الْمَعْلُولِ أَوْ مُقَارِنٌ فَيَلْزَمُ التَّحَكُّمُ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِالْعِلِّيَّةِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ تَأْثِيرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>