للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُهُ: مَا يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ فَالْأَمْثِلَةُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ: كَالْمَسْحِ فِي التَّخْفِيفِ وَكَقَوْلِنَا فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَكَمَنَافِعِ الْغَصْبِ، أَوْرَدْنَاهَا لِتَرْجِيحِ الْقِيَاسِ عَلَى الْقِيَاسِ بِكَثْرَةِ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ الْوَصْفَ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَقِيَاسُنَا، وَهُوَ قَوْلُنَا مَسْحٌ، فَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُهُ رَاجِحٌ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَهُوَ قَوْلُهُ: رُكْنٌ فَيُسَنُّ تَثْلِيثُهُ لِكَثْرَةِ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ الْمَسْحَ فِي التَّخْفِيفِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَقِيَاسُنَا، وَهُوَ قَوْلُنَا صَوْمُ رَمَضَانَ مُتَعَيِّنٌ، فَلَا يَجِبُ تَعْيِينُهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْمُتَعَيِّنَاتِ رَاجِحٌ عَلَى قِيَاسِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: صَوْمُ رَمَضَانَ صَوْمُ فَرْضٍ فَيَجِبُ تَعْيِينُهُ كَالْقَضَاءِ لِكَثْرَةِ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ التَّعَيُّنَ فِي سُقُوطِ التَّعْيِينِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَقِيَاسُنَا، وَهُوَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمِثْلِ وَاجِبٌ فِي غَصْبِ الْمَنَافِعِ كَمَا فِي سَائِرِ الْعُدْوَانَاتِ لَكِنَّ رِعَايَةَ الْمِثْلِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الْمَنَافِعِ، فَلَا يَجِبُ رَاجِحٌ عَلَى قِيَاسِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: مَا يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ إلَخْ لِكَثْرَةِ اعْتِبَارِ الشَّارِعِ الْمُمَاثَلَةَ فِي جَمِيعِ صُوَرِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا وَجَمِيعِ الْعُدْوَانَاتِ.

(وَالثَّالِثُ كَثْرَةُ الْأُصُولِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الثَّانِي. وَالرَّابِعُ وَهُوَ الْعَكْسُ أَيْ الْعَدَمُ عِنْدَ الْعَدَمِ) أَيْ عَدَمُ الْحُكْمِ فِي جَمِيعِ صُوَرِ عَدَمِ الْوَصْفِ (كَقَوْلِنَا مَسْحٌ) أَيْ مَسْحُ الرَّأْسِ مَسْحٌ (فَلَا يُسَنُّ تَكْرَارُهُ) كَمَسْحِ الْخُفِّ (فَإِنَّهُ يَنْعَكِسُ) فَإِنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ

ــ

[التلويح]

دَيْنًا بِدَيْنٍ. وَفِي السَّلَمِ الْمُسْلَمُ فِيهِ دَيْنٌ حَقِيقَةً وَرَأْسُ الْمَالِ مِنْ النُّقُودِ غَالِبًا فَيَكُونُ دَيْنًا.

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يَتَعَيَّنُ الْمَبِيعُ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ كَبَيْعِ إنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ بِإِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ وَكَالسَّلَمِ فِي الْحِنْطَةِ عَلَى ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْقَبْضَ قُلْنَا نَعَمْ إلَّا أَنَّ مَعْرِفَةَ مَا يَتَعَيَّنُ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ أَمْرٌ خَفِيٌّ عِنْدَ التُّجَّارِ فَأُدِيرَ الْحُكْمُ مَعَ مَا أُقِيمَ مَقَامَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَهُوَ اسْمُ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ فَاشْتُرِطَ الْقَبْضُ فِيهِمَا عَلَى الْإِطْلَاقِ.

فَإِنْ قِيلَ: الْمَبِيعُ فِي السَّلَمِ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ، وَهُوَ لَيْسَ بِمَقْبُوضٍ وَالْمَقْبُوضُ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ، وَهُوَ لَيْسَ بِمَبِيعٍ أُجِيبَ بِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ مَبِيعٍ مُتَعَيِّنٍ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِهِ وَيَنْعَكِسُ إلَى قَوْلِنَا كُلُّ مَبِيعٍ لَا يَكُونُ مُتَعَيِّنًا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِهِ وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ بَيْعٍ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ أَصْلًا وَيَنْعَكِسُ إلَى قَوْلِنَا كُلُّ بَيْعٍ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَبِيعُ، وَلَا ثَمَنُهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ فِي الْجُمْلَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ التَّقَابُضَ شَرْطُ صِحَّةِ الْعَقْدِ، أَوْ شَرْطُ بَقَائِهِ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِلَى كُلٍّ أَشَارَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ سُؤَالٌ، وَهُوَ أَنَّ شَرْطَ الْجَوَازِ يَكُونُ مُقَارِنًا كَالشُّهُودِ فِي النِّكَاحِ لَا مُتَأَخِّرًا لِمَا فِيهِ مِنْ وُجُودِ الْمَشْرُوطِ قَبْلَ الشَّرْطِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ هَاهُنَا الْمُقَارَنَةُ مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ لِمَا فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ أُقِيمَ مَجْلِسُ الْعَقْدِ مَقَامَ حَالَةِ الْعَقْدِ وَجُعِلَ الْقَبْضُ الْوَاقِعُ فِيهِ وَاقِعًا فِي حَالَةِ الْعَقْدِ حُكْمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ

[مَسْأَلَةٌ إذَا تَعَارَضَ وُجُوهُ التَّرْجِيحِ]

(قَوْلُهُ: مَسْأَلَةٌ) التَّعَارُضُ كَمَا يَقَعُ بَيْنَ الْأَقْيِسَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى التَّرْجِيحِ كَذَلِكَ يَقَعُ بَيْنَ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ بِأَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْ الْقِيَاسَيْنِ تَرْجِيحٌ مِنْ وَجْهٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>