للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُمُورِ فَتَكُونُ مِنْ الْعَوَارِضِ (فَقَبْلَ أَنْ يَعْقِلَ كَالْمَجْنُونِ أَمَّا بَعْدَهُ، فَيَحْدُثُ لَهُ ضَرْبٌ مِنْ أَهْلِيَّةِ الْأَدَاءِ لَكِنَّ الصِّبَا عُذْرٌ مَعَ ذَلِكَ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ عَنْ الْبَالِغِ فَلَا يَسْقُطُ نَفْسُ الْوُجُوبِ فِي الْإِيمَانِ حَتَّى إذَا أَدَّاهُ كَانَ فَرْضًا لَا نَفْلًا حَتَّى إذَا بَلَغَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لَكِنَّ التَّكْلِيفَ، وَالْعُهْدَةَ عَنْهُ سَاقِطَانِ فَلَا يَحْرُمُ الْمِيرَاثُ بِالْقَتْلِ) تَعْقِيبٌ لِقَوْلِهِ: لَكِنَّ التَّكْلِيفَ وَالْعُهْدَةَ عَنْهُ سَاقِطَانِ بِالْقَتْلِ (وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْحِرْمَانُ بِالْكُفْرِ وَالرِّقِّ؛ لِأَنَّهُمَا يُنَافِيَانِ الْإِرْثَ فَعَدَمُ الْحَقِّ لِعَدَمِ سَبَبِهِ أَوْ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ لَا يُعَدُّ جَزَاءً) إنَّمَا قَالَ هَذَا؛ لِأَنَّ الْحِرْمَانَ بِسَبَبِ الْقَتْلِ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْجَزَاءِ فَإِنَّ الْقَاتِلَ تَعَجَّلَ بِأَخْذِ الْمِيرَاثِ فَجُوزِيَ بِحِرْمَانِهِ لَكِنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْجَزَاءِ بِالشَّرِّ فَلَمْ يُحْرَمْ، وَلَا يَشْكُلُ عَلَى هَذَا الْحِرْمَانُ

ــ

[التلويح]

الصَّوْمِ لِمَا فِي الطَّبِيعَةِ مِنْ النُّزُوعِ إلَى الْأَكْلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَتَرْكِ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ فَإِنَّهُ لَا دَاعِيَ إلَى تَرْكِهَا لَكِنْ لَيْسَ هُنَاكَ مَا يَذْكُرُ إخْطَارَهَا بِالْبَالِ، وَإِجْرَاءَهَا عَلَى اللِّسَانِ فَسَلَامُ النَّاسِي فِي الْقَعْدَةِ يَكُونُ عُذْرًا حَتَّى لَا تَبْطُلَ صَلَاتُهُ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْ جِهَتِهِ، وَالنِّسْيَانُ غَالِبٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِكَثْرَةِ تَسْلِيمِ الْمُصَلِّي فِي الْقَعْدَةِ فَهِيَ دَاعِيَةٌ إلَى السَّلَامِ

[النَّوْمُ]

. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: النَّوْمُ لَمَّا كَانَ عَجْزًا عَنْ الْإِدْرَاكَاتِ أَيْ: الْإِحْسَاسَاتِ الظَّاهِرَةِ إذْ الْحَوَاسُّ الْبَاطِنَةُ لَا تَسْكُنُ فِي النَّوْمِ، وَعَنْ الْحَرَكَاتِ الْإِرَادِيَّةِ أَيْ: الصَّادِرَةِ عَنْ قَصْدٍ، وَاخْتِيَارٍ بِخِلَافِ الْحَرَكَاتِ الطَّبِيعِيَّةِ كَالتَّنَفُّسِ، وَنَحْوِهَا أَوْجَبَ تَأْخِيرَ الْخِطَابِ بِالْأَدَاءِ إلَى وَقْتِ الِانْتِبَاهِ لِامْتِنَاعِ الْفَهْمِ، وَإِيجَادِ الْفِعْلِ حَالَةَ النَّوْمِ، وَلَمْ يُوجِبْ تَأْخِيرَ نَفْسِ الْوُجُوبِ، وَأَسْقَطَهَا حَالَ النَّوْمِ لِعَدَمِ إخْلَالِ النَّوْمِ بِالذِّمَّةِ، وَالْإِسْلَامِ، وَلِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ حَقِيقَةً بِالِانْتِبَاهِ أَوْ خَلَفًا بِالْقَضَاءِ، وَالْعَجْزِ عَنْ الْأَدَاءِ، إنَّمَا يَسْقُطُ الْوُجُوبُ حَيْثُ يَتَحَقَّقُ الْحَرَجُ بِتَكْثِيرِ الْوَاجِبَاتِ، وَامْتِدَادِ الزَّمَانِ، وَالنَّوْمُ لَيْسَ كَذَلِكَ عَادَةً، وَاسْتَدَلَّ عَلَى بَقَاءِ نَفْسِ الْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ الصَّلَاةُ وَاجِبَةً لَمَا أَمَرَ بِقَضَائِهَا قِيلَ: وَفِي لَفْظِ " عَنْ " إشَارَةُ إلَى وُجُوبِهَا حَالَ النَّوْمِ، وَإِلَّا لَمَا كَانَ نَائِمًا عَنْ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ وَأَبْطَلَ) أَيْ: النَّوْمَ عِبَارَاتُ النَّائِمِ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الِاخْتِيَارُ كَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْإِسْلَامِ، وَالرِّدَّةِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ لِانْتِفَاءِ الْإِرَادَةِ وَالِاخْتِيَارِ فِي النَّوْمِ حَتَّى أَنَّ كَلَامَهُ بِمَنْزِلَةِ أَلْحَانِ الطُّيُورِ، وَلِهَذَا ذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِخَبَرٍ، وَلَا إنْشَاءٍ، وَلَا يَتَّصِفُ بِصِدْقٍ، وَلَا كَذِبٍ.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ نَائِمًا لَا تَصِحُّ) هَذَا هُوَ مُخْتَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ قِرَاءَةَ النَّائِمِ تَنُوبُ عَنْ الْفَرْضِ، وَفِي النَّوَازِلِ إنْ تَكَلَّمَ النَّائِمُ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ، وَذُكِرَ فِي الْمُغْنِي أَنَّ عَامَّةَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ قَهْقَهَةَ النَّائِمِ فِي الصَّلَاةِ تُبْطِلُ الْوُضُوءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>