للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن البيّن أن العناية بتدبُّر وتأويل علاقة فاتحة السورة بخاتمة التي قبلها إنّما هو كالعناية بتدبر وتأويل علاقة مقاصد السور المتتالية ببعضها، وكالعناية بافتتاح القرآن العظيم بسورة "الفاتحة" مبنيٌ على الإيمان بأن ترتيب السور في السياق الترتيلي الذي هو بين دفتى المصحف الذي عليه الأمة جمعاء إنما هو مظهر من مظاهر إعجازه البياني، وأنَّ تناسبه المعجز ليس بالمحصور في تناسب نظمه التركيبي الماثل في بناء الجملة بل هو أيضًأ متحقق على كماله في نظمه الترتيبي الماثل في علاقات الجمل بعضها ببعض في بناء المعقد وعلاقات المعاقد بعضها ببعض في بناء السورة وعلاقات السور بعضها ببعض في بناء البيان القرآني العظيم كلّه مفتتحا بسورة "الفاتحة " ومختتما بسرورة "الناس"

***

مناقدة مذهبه إلى أن ترتيب السور اجتهاد..

"البقاعي" يصرح في مفتتح تفسيره سورة"آل عمران" برأي "أبي الحسن ألحرَالّيّ" المتمثل في أنَّ ترتيب بعض السور على ما هو عليه بين أيدينا بين دفتى المصحف إنما هو توفيق:

" قال "الحراليّ" مشيرًا إلى القول الصحيح في ترتيب السور من أنّه باجتهاد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم إقرارًا لله - سبحانه وتعالى - لهذا الانتظام والترتيب السُّورِيِّ في مقررهذا الكتاب: هو ما رضيه الله - سبحانه وتعالى - فأقره.." (١)

البقاعيّ كما ترى هنا مصرّح بصحة القول بأنَّ ترتيب السور إنّما هو باجتهاد الصحابة

ولعلّ الحرَّالي والبقاعيّ من بعده وجمع من العلماء من قبلهما في ذهابهم إلى القول بالاجتهاد من الصحابة في ترتيب بعض السور مثابتهم أو برهانهم ما روي من حديث "يزيد الفارسي" عن "ابن عباس" رضي الله عنهما ٠


(١) – نظم الدرر:٤/١٩٩

<<  <   >  >>