للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفوق هذا كانت قصة البقرة المشتملة عليها السورة والمسماة بها متضنة التشديد في الإنفاق على بني إسرائيل، فلمّا كان المقام للإنفاق قدمه على القتال، فقال أولا (يسألونك ماذا ينفقون) ثُمّ قال (كتب عليكم القتال) فكان لفّا ونشرا مشوّشًا (معكوسًا)

والبقاعيّ لم يشر إلى وجه البيان بهذا النهج التركيبيّ في هذه الآية، ولعلَّ ذلك من أنّ الله - عز وجل - لمَّا قال في صدر السورة

(هدى للمتقين * الّذين يؤمِنُونَ بِالغَيْبِ ويُقِيمونَ الصّلاة ومِمَّا رزَقْنَاهم يُنْفِقُونَ) (البقرة:٢-٣)

وكان البيان عن موقف الإسلام من المال له شانُ في السورة أيّما شأنٌ كان من العناية أن يجعل البيان عنه في وسط المعنى، وكأنّ فيه إشارةً إلى أنّ الجهادَ بالمال عمود الجهاد بالسَّيْفِ، وأنّ نصر الدينِ لايكونُ بالسّيفِ وحده بل يكونُ بأمور أخرى المال فيها رئيس.

***

إنَّ النظر في تأويل النظم التركيبي في بناء الجملة أو الآية في تفسير "البقاعيّ" لايتسع للوفاء ببعض حقه المقام بكل وجوهه، وما كنت آمًّا إلى تفصيل، بل إلى تكريس البيان عن معالم المنهاج بيانا عامًّا ضميمته بعض نماذج هادية وهذا يجعلنى غير متهيبٍ الرغبة عن البسط في هذا المعلم القائم بالنظر في النظم التركيبي.

المَعْلَمُ العاشر.

[تأويل التصريف البياني]

(متشابه النظم)

مِمَّا قرره الحقّ - جل جلاله - في بيانه عن القرآن الكريم قوله - سبحانه وتعالى -:

{اللهُ نزَّلَ أحْسنَ الحَديثِ كِتابًا متشَابِهًا مثَانيَ تقشِعِرُّ منْهُ جُلُودُ الَّذينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ من يَّشَاءُ وَمن يُّضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هَادٍ} (الزمر:٢٣) ..

<<  <   >  >>