للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والايجاز بالقصر (١) كقوله: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ) (٢) .

وقوله: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهمْ، هُمُ الْعَدُوُّ) (٣) .

وقوله: (إِنَّمَا بغيكم على أنفسكم) (٤) .

وقوله: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) .

(٥) / والاطناب (٦) فيه بلاغة، فأما التطويل ففيه على (٧) .

* * * وأما التشبيه، فهو العقد (٨) على أن أحد الشيئين يسد مسد الآخر في


(١) قال الرماني ص ٢: " وأما الايجاز بالقصر دون الحذف فهو أغمض من الحذف، وإن كان الحذف غامضا للحاجة إلى العلم بالمواضع التى تصلح من المواضع التى لا تصلح " (٢) سورة البقرة: ١٧٩ (٣) سورة المنافقون: ٤
(٤) سورة يونس: ٢٣ (٥) سورة فاطر ٤٣.
وقال الرماني بعد استشهاده بالآيات السابقة: " وهذا الضرب من الايجاز في القرآن كثير.
وقد استحسن الناس من الايجاز قولهم: القتل أنفى للقتل.
وبينه وبين لفظ القرآن تفاوت في البلاغة والايجاز.
وذلك يظهر من أربعة أوجه: أنه أكثر في الفائدة، وأوجز في العبارة، وأبعد من الكلفة بتكرير الجملة، وأحسن تأليفا بالحروف المتلائمة.
أما الكثرة في الفائدة ففيه كل ما في قولهم: القتل أنفى للقتل، وزيادة معان حسنة: منها إبانة العدل لذكره القصاص، ومنها إبانة الغرض المرغوب فيه لذكر الحياة، ومنها الاستدعاء بالرغبة والرهبة لحكم الله به، وأما الايجاز في العبارة، فإن الذى هو نظير: القتل أنفى للقتل - قوله تعالى " القصاص حياة " والاول أربعة عشر حرفا، والثانى عشرة حروف.
وأما بعده عن الكلفة بالتكرير الذى فيه على النفس مشقة، فإن في قولهم: القتل أنفى للقتل - تكريرا غيره أبلغ منه، ومتى كان التكرير كذلك فهو مقصر في باب البلاغة عن أعلى طبقة.
وأما الحسن بتأليف الحروف المتلائمة فهو مدرك بالحس، وموجود في اللفظ، فإن الخروج من الفاء إلى اللام أعدل من الخروج من اللام إلى الهمزة، لبعد الهمزة من اللام، وكذلك الخروج من الصاد إلى الحاء أعدل من الخروج من الالف إلى اللام، فباجتماع هذه الامور التى ذكرناها صار أبلغ منه وأحسن، وإن كان الاول بليغا حسنا " (٦) س: " وإطناب " (٧) قال الرماني في ص ٣: " والايجاز بلاغة والتقصير عى، كما أن الاطناب بلاغة والتطويل عى.
والايجاز لا إخلال فيه بالمعنى المدلول عليه، وليس كذلك التقصير، لانه لا بد فيه من الاخلال.
فأما الاطناب فإنما يمكن في تفصيل المعنى وما يتعلق به في المواضع التى يحسن فيها ذكر التفصيل ... فأما التطويل فعيب وعى، لانه تكلف الكثير فيما يكفى فيه القليل، فكان كالسالك طريقا بعيدا جهلا منه بالطريق القريب.
وأما الاطناب فليس كذلك، لانه كمن سلك طريقا بعيدا لما فيه من النزهة الكثيرة والفوائد العظيمة، فيحصل له في الطريق إلى غرضه من الفائدة نحو ما يحصل له بالغرض المطلوب " (٨) س، ك: " التشبيه بالعقد ".
والتصحيح من م والنكت ص ٥ (*)

<<  <   >  >>