للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الخلدى: بلغنى عن الجنيد: أنه كان فى سوقه، وكان ورده فى كل يوم ثلاثمائة ركعة وثلاثين ألف تسبيحة (١).

قال: وسمعت الجنيد يقول: ما نزعت ثوبى للفراش منذ أربعين سنة. وقال الجنيد: سألنى السرى السقطى: ما الشكر؟ فقلت: أن لا يستعان بنعمه على معاصيه. فقال: هو ذاك. وقال الجنيد: كنت يوما بين يدى السرى السقطى ألعب، وأنا ابن سبع سنين، وبين يديه جماعة يتكلمون فى الشكر. فقال لى:

يا غلام ما الشكر؟ فقلت: أن لا يعصى الله بنعمه. فقال لى: أخشى أن يكون حظك من الله لسانك. قال الجنيد: فلا أزال أبكى على هذه الكلمة التى قالها السرى لى. وقال الجنيد فى قوله تعالى (١٦٩:٧ {وَدَرَسُوا ما فِيهِ)} قال: تركوا العمل به. وقال الجنيد: ما أخذنا التصوف عن القال والقيل، ولكن عن الجوع وترك الدنيا، وقطع المألوفات والمستحسنات (٢). لأن التصوف هو صفاء المعاملة مع الله. وأصله العزوف عن الدنيا، كما قال حارثة «عزفت نفسى عن الدنيا، فأسهرت ليلى، وأظمأت نهارى».

وقال أبو عمرو بن علوان: خرجت يوما إلى سوق الرّحبة فى حاجة، فرأيت جنازة، فتبعتها لأصلى عليها، ووقفت حتى يدفن الميت فى جملة الناس.

فوقعت عينى على امرأة مسفرة من غير تعمد. فأحجمت بالنظر واسترجعت واستغفرت الله وعدت إلى منزلى، فقالت لى عجوز: يا سيدى مالى أرى وجهك أسود؟ فأخذت المرآة فنظرت، فإذا وجهى أسود. فرجعت إلى سرىّ انظر من أين ذهبت؟ فذكرت النظرة، فانفردت فى موضع أستغفر الله وأسأله الإقالة


(١) لم يكن هدى النبى صلّى الله عليه وسلم كذلك.
(٢) لكن الرسول صلّى الله عليه وسلم كان يعطى نفسه حظها من الطيبات على ما يحب الله وخير الهدى هديه صلّى الله عليه وسلم. وشر الأمور محدثاتها. وكل بدعة ضلالة.