للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما هو مسخ النفس والروح، وحلول البلادة والجبن فيحملون بين ضلوعهم نفس القردة وروح الخنازير، من كثرة إدمانهم الشر وحرصهم على الفساد وجرأتهم على الله عز وجل.

وفي ضوء المقاييس التي قدمناها نستطيع أن نفهم حكم الإسلام في دخول السينما ومشاهدة المسرح وسماع الأغنية، والانشغال بالموسيقا، والضوابط لكل حالة ونظرة الإسلام إلى الإنسان وتقديره لوقته وحرصه على سلامة عقيدته وإيمانه، وقد يعجب بعض الناس من هذا ويقول إن هذه الأشياء من المقومات الكبرى لدى سائر الأمم المتحضرة في هذا العصر.

ونقول: إن الإسلام لم يقف من هذه الأشياء هذا الموقف إلا لأنها مستوردة من حضارة غير حضارته، ونابعة من تصور غير تصوره. وللإسلام منطلق حضاري آخر مستقل بذاته لا يتفق أبداً ومنطلقات هذه الحضارة التي فرضت على الأمة الإسلامية نتيجة للغزو الثقافي، ثم حدث التقليد الأعمى، فللفن في الإسلام مضمون آخر نابع من العقيدة الإسلامية، مضمون يتناسق مع أدب المسلم وعفته وأخلاقه وحدوده الشرعية، مضمون هادف يربي بالكلمة وبالنشيد وبالتمثيلية وبالموقف، يربي الرجل والمرأة ويبث فيهما أخلاق الإسلام ويربيهما على طبيعة الجهاد والكفاح والإيثار والبذل، والتضحية والوفاء، ورحمة الصغير وتوقير الكبير، فن إسلامي لا علاقة له بهذا العري وهذا الانتكاس وهذه البهيمية، وهذا التبجح الذي بلغ الذروة في كل مكان. قال تعالى: [الذّاريَات: ٥٣-٥٤] {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ *فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ *} (١) .


(١) فتاوى حول الدين والدنيا، محمد عبد الله الخطيب، مرجع سابق، ص ١١٠ - ١١٤.

<<  <   >  >>