للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع: في بيان رأي الإمام أحمد رحمه الله هو وأتباعه في الأخذ بالمناسب المرسل]

...

الفصل الرابع في بيان رأي الإمام أحد رحمه الله هو وأتباعه في الأخذ بالمناسب المرسل

قرر بعض الأصوليين أن الإمام أحمد رحمه الله أخذ بمبدأ القول المناسب المرسل من غير نكير من أصحابه، ويدل لهذا ما نقله عنه أصحابه من الفتاوى والفروع التي يعد القول لها أخذاً بالمصلحة المرسلة، كما أن فقهاء الحنابلة يعتبرون المصالح المرسلة أصلاً من أصول الاستنباط وينسبون ذلك إلى الإمام أحمد رحمه الله، فإن ابن القيم يقرر أنه ما من أمر شرعه الشارع إلا وهو متفق مع مصالح العباد، وأن أمور الشريعة التي تتصل بمعاملات الناس تقوم على إثبات المصلحة، ومنع الفساد والمضرة١، لأن الأخذ بالمصلحة المرسلة واعتبارها أصلاً فقهياً ينبني عليه الاستنباط هو الذي يتفق مع أتباع أحمد للسلف الصالح في استنباطهم، وعدم الخروج عن طبيعتهم، فقد أجمع الصحابة على جمع المصحف، رعاية لحفظ الدين بحفظ القرآن، ومنعاً للناس من الاختلاف وولَّى أبو بكر عمرَ - رضي الله عنهما - على الخلافة، إلى غير ذلك مما تقدم ذكره.

وإذا كان الإمام مالك - رحمه الله - قد اشتهر بالقول المرسل، واشتهر به المرسل، وكان له ترجيح على غيره في الأخذ به، فإن الإمام أحمد يليه في القول به، ويدل لهذا ما يأتي:

الأول: ما نقله الزركشي عن ابن دقيق العيد ونصه: قال: نعم إنَّ الذي لا شك فيه أن لمالك ترجيحاً على غيره من الفقهاء في هذا النوع - يعني القول بالمناسب المرسل - ويليه الإمام أحمد بن حنبل، ولا يكاد يخلو غيرهما من اعتباره في الجملة، ولكن لهذين ترجيح في استعماله على غيرهما٢.


١ انظر تفاصيله في كتاب أبي زهرة أحمد بن حنبل ص ٣٤٤-٣٤٥.
٢ انظر: البحر المحيط ٣/٢٤١-٢٤٢ -خ-.

<<  <   >  >>