للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مطلب: في بيان المردف والمستزاد والمزدوجة]

قال السيد العلامة: غلام علي أزاد١ - رحمه الله تعالى -: الرديف: عبارة عن كلمة مستقلة فصاعدا تتكرر بعد الروي والشعر المشتمل عليه يسمى: مردفا من الترديف وهو يزيد الأشعار جمالا ويلبس بنات الأفكار خلخالا وبه يتنوع الشعر الفارسي على أنواع لا تحصى وأقسام لا تتناهى ولا رديف في شعر العرب وإن تكلف أحد بالترديف لا تظهر له جلوة مثل ما تظهر في شعر الفرس فهو في الفارسية بزة العروس وفي العربية رجل الطاووس ولا منشأ له إلا خصوصية اللسان ومن يعرف اللسانين يشاهد أن الرديف في الفارسية طبيعي وفي العربية غير طبيعي وبيانه أن الرديف يجيء في الفارسية عفوا بلا تجشم بل لا يحسن إغزالهم بلا رديف أو وصل بالروي ويجيء في العربية بالتجشم حيث يحتاج إلى فرض رديف يصح معناه في جميع أبيات القصيدة بل ربما يعوق الرديف الذهن عن التطرق إلى المعاني العالية بخلاف الفارسية فإن الرديف فيها يبعث الذهن على المعاني العالية ويهديه إلى الجواهر الغالية وقد سبق أن سبب ذلك: ليس إلا خصوصية اللسان ولهذا ما وجدت في كلام العرب العرباء شعرا مردفا وإنما وجدته في كلام الأعاجم على سبيل الشذوذ كما نظم الزمخشري قصيدة مردفة في مدح علاء الدولة والي خوارزم مطلعها:

الفضل حصله علاء الدوله ... والمجد أثله علاء الدوله

وكما نظم الشيخ: عبد العزيز اللنباني قصيدة مردفة مطلعها:

بشراك يا من به يستبشر العيد ... ومن به كل ميت ينشر العيد

والآية المكررة في سورة الرحمن من القرآن المجيد وهي: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} فيها رائحة من الرديف.

ولا يخفى أن التكرير نوع من التفنن في الكلام وضرب من طلاقة ألسنة الأقلام ورأيت في الرديف فائدة وهي: أن حروف الروي التي قوافيها قليلة كالثاء المثلثة والخاء المعجمة والذال المعجمة والزاي والضاد المعجمة والطاء المهملة والظاء المعجمة والغين المعجمة والكاف إذا وقعت رويا يضطر فيها الإنسان إلى إيراد اللغات الحوشية والألفاظ الغير المأنوسة وبالرديف يتخلص عن هذا الاضطرار ويتسع عليه مضيق القوافي والروي المنون بلا إشباع والمتحرك بلا وصل لا يكون إلا في الشعر المردف لوقوع الروي في وسط الكلام وهو في الشعر المردف من وجه وسط للحوق الرديف به فلا يشبع بل ينتقل فيه الإشباع من الروي إلى الحرف الواقع في آخر الرديف ومن وجه آخر لكون مدار القافية عليه فيشبع فالروي المنون بلا إشباع كما في قولي:

رشأ الأبيرق قاتل والله ... إن المحب لغافل والله


١ هو السيد غلام آزاد ابن السيد نوح الحسيني الواسطي البلكرامي الهندي، أديب لغوي شاعر عروضي بلاغي مؤرخ. له ديوان شعر ومؤلفات كثيرة ١١١٦-١٢٠٠هـ = ١٧٠٤-١٧٨٥م.

<<  <   >  >>