للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحد من الأمم: منها هؤلاء التتر: فمنهم من أقبلوا من الشرق ففعلوا الأفعال التي يستعظمها كل من سمع بها.

ومنها: خروج الفرنج - لعنهم الله - من الغرب إلى الشام وقصدهم ديار مصر وامتلاكهم ثغرها - أي دمياط -، وأشرفت ديار مصر وغيرها على أن يملكوها لولا لطف الله تعالى ونصره عليهم.

ومنها: أن السيف بينهم مسلول، والفتنة قائمة) (١) .

فأما التتار: فقد كانوا فاجعة الإسلام والمسلمين في القرن السابع الهجري، في سقوط بغداد - وبها سقطت الخلافة العباسية - سنة (٦٥٦هـ) (٢) وما قبل سقوط بغداد بسنوات (٣) ، وما بعد سقوط بغداد حيث كانت هذه الأحداث قريبة من ولادة شيخ الإسلام ابن تيمية (ولا بد أن يكون قد شاهد آثار هذا الخراب والدمار بأم عينيه، وسمع تفاصيله المؤلمة عمن رأوا مناظره وشهدوها وشاهدوها، فمن الطبيعي أن يتأثر قلبه الغيور المرهف بنكبة المسلمين هذه وذلتهم، وتمتلئ نفسه غيظاً وكراهية لأولئك الوحوش الضواري) (٤) .

وأما ظهور الفرنجة أو (الحروب الصليبية) : فقد كانت ولادة ابن تيمية رحمه الله في بداية الدور الرابع لهذه الحروب الذي يمثل دور الضعف الفرنجي وتجدد قوة المسلمين، باسترداد كثير من المدن الشامية الكبرى، وإكمال مسيرة طرد الفرنج من بلاد المسلمين.


(١) الكامل في التاريخ ٩/٣٢٠.
(٢) انظر شيئاً من وصف هذه الفاجعة في البداية والنهاية لابن كثير ١٣/٢٠٠ - ٢٠٤ في حوادث سنة (٦٥٦هـ) .
(٣) كان هجوم التتار على العالم الإسلامي قبل سقوط بغداد بسنوات عدة، وقد ذكر ابن الأثير وهو المتوفى عام (٦٣٠هـ) في حوادث سنة (٦١٧هـ) أنه بقي عدة سنين معرضاً عن ذكر أعمال التتار في المسلمين استعظاماً لها، ويقدم رجلاً ويؤخر أخرى قال: (فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك، فياليت أمي لم تلدني، وياليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً) .
(٤) شيخ الإسلام الحافظ أحمد بن تيمية لأبي الحسن الندوي ص١٧.

<<  <   >  >>