للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنك حميد مجيد) (١) ... ) (٢) .

فالرسول صلّى الله عليه وسلّم يشعر بالسلام عليه، ويبلغ به من قبل الملائكة.

قال رحمه الله: (وأما كون النبي صلّى الله عليه وسلّم يشعر بالسلام عليه، فهذا حق، وهو يقتضي أن حاله بعد موته أكمل من حاله قبل مولده) (٣) .

وقال - أيضاً -: (فهذه الأحاديث تدل على أن الصلاة والسلام يعرضان عليه، وأن ذلك يصل حيثما كنا) (٤) .

لكن هل يسمع صلاة وسلام البعيد أم يعرضان عليه، وتبلغه بهما الملائكة؟.

الصواب الذي عليه عامة أهل العلم، وهو مقتضى الأحاديث الصحيحة: أنه يبلغ ذلك ويعرض عليه.

وأما قول القائل: إنه يسمع الصلاة من البعيد فممتنع.

فإنه إن أراد وصول صوت المصلي إليه فهذه مكابرة.

وإن أراد أنه هو يكون بحيث يسمع أصوات الخلائق من بعيد فليس هذا إلا لله رب العالمين الذي يسمع أصوات العباد كلهم، قال تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف: ٨٠] ، وقال: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: ٧] ، وليس لأحد من البشر بل ولا من الخلق يسمع أصوات العباد كلهم (٥) .

وأما سلام القريب: فإن الذي يسلم على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فإنه عليه الصلاة والسلام يسمعه بخلاف البعيد، كما قال ابن تيمية رحمه الله: (لكن إذا صلى وسلم


(١) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٦/٤٠٧ - ٤٠٨ كتاب الأنبياء، باب يزفون النسلان في المشي، ومسلم في صحيحه ١/٣٠٥ كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي بعد التشهد.
(٢) الجواب الباهر ص٨ - ٩.
(٣) الرد على البكري ١/٦٤.
(٤) الرد على البكري ١/١١٩.
(٥) انظر: الرد على الأخنائي ص١٣٤.

<<  <   >  >>