للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهناك - أيضاً - علة ثالثة في السند: وهي اضطراب عبد الرحمن، ومن دونه في إسناده، فتارة يروونه مرفوعاً، وتارة موقوفاً على عمر (ت - ٢٣هـ) عن عبد الله بن إسماعيل بن أبي مريم، وعبد الله هذا لا يعرف (١) .

وأما المتن: فعليه ملحوظتان:

الأولى: أن ظاهر الحديث ينص على أن مغفرة الخطيئة كانت بسبب توسل آدم بنبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وهذا مخالف لنص القرآن الكريم، إذ المغفرة كانت بسبب الكلمات التي تلقاها آدم من ربه، قال عزّ وجل: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: ٣٧] ، وقيل: إن الكلمات هي ما ذكر في قوله تعالى: {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: ٢٣] .

قال ابن تيمية رحمه الله: (أخبر أنه تاب عليه بالكلمات التي تلقاها منه، وقد قال تعالى: { {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا} [الأعراف: ٢٣] الآية) (٢) .

الثانية: أن الحديث فيه زيادة: (ولولا محمد ما خلقتك) وهذه الزيادة تخالف القرآن الكريم، حيث نص على أن الحكمة من خلق الجن الإنس هي عبادة الله وحده، كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: ٥٦] .

وبعد هذا: فإن توسل آدم بمحمد - عليهما الصلاة والسلام - ليس بصحيح، والحديث مكذوب، لا يصح الاحتجاج به، كما قال ذلك ابن تيمية رحمه الله (٣) .

وأما الحال الثاني: وهو التوسل بالرسول صلّى الله عليه وسلّم في حياته: فالمراد به


(١) انظر: التوسل أنواعه وأحكامه للألباني ص١٢٤، وانظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية ص١٧٥.
(٢) الرد على البكري ص١٠.
(٣) انظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص١٦٦ - ١٧٠، الرد على البكري ص١٠، وقد حكم عليه الألباني بالوضع في سلسلة الأحاديث الضعيفة ١/٣٨.

<<  <   >  >>