للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخصائص من التبرك في حياته ما ليس لغيره، فيكون الصالحون من باب أولى أن لا يتبرك بآثارهم، ولا مواضع عبادتهم وجلوسهم (١) ، وللشاطبي (٢)

رحمه الله كلام نفيس في هذا حيث يقول: (الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه الصلاة والسلام لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه، إذ لم يترك النبي صلّى الله عليه وسلّم بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه فهو كان خليفته، ولم يُفعل به شيء من ذلك، ولا عمر رضي الله عنه وهو كان أفضل الأمة بعده، ثم كذلك عثمان، ثم كذلك علي، ثم سائر الصحابة الذين لا أحد أفضل منهم في الأمة، ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبركاً تبرك به على أحد تلك الوجوه - أي الثياب والشعر وفضل الوضوء - أو نحوها، بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسير التي اتبعوا فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم، فهو إذا إجماع منهم على ترك تلك الأشياء) (٣) .

وأما إذا أريد بالتبرك بالصالحين: التبرك بذواتهم في حياتهم، أو بعد مماتهم بقبورهم، أما في حياتهم فكالتمسح بهم، أو تقبيلهم تبركاً، وأما بعد مماتهم فكالتمسح بقبورهم، وتقبيلها تبركاً، أو مجاورة القبر رجاء البركة، أو الدعاء عند القبر رجاء بركته، فكل هذا باطل لم تأت به شريعة إلهية، وقد قال الله عزّ وجل: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١] ، وقال صلّى الله عليه وسلّم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (٤) .


(١) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ٢/٧٥٠، ٧٥٣.
(٢) الشاطبي: إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي، أبو إسحاق، من أهل غرناطة، أصولي، فقيه مجتهد، محارب للبدع، من كتبه: الموافقات، والاعتصام، ت سنة ٧٩٠هـ.

انظر في ترجمته: شجرة النور الزكية لمخلوف ص٢٣١.
(٣) الاعتصام ٢/٨ - ٩.
(٤) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٥/٣٠١ كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، ومسلم في صحيحه ٣/١٣٤٣ كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور.

<<  <   >  >>