للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال رحمه الله: (ولهذا كان من مذاهب أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة، فإنه قد ثبتت فضائلهم، ووجبت موالاتهم ومحبتهم، وما وقع: منه ما يكون لهم فيه عذر يخفى على الإنسان، ومنه ما تاب صاحبه منه، ومنه ما يكون مغفوراً، فالخوض فيما شجر يوقع في نفوس كثير من الناس بغضاً وذمّا، ويكون هو في ذلك مخطئاً بل عاصياً، فيضر نفسه، ومن خاض معه في ذلك.. ولهذا كان الإمساك طريقة أفاضل السلف) (١) .

وبهذا بتبين موقفه رحمه الله من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكرام، فيعتقد محبتهم، وعدم سبهم، وعدم الخوض فيما شجر بينهم، وهذا هو منهج أهل السنة والجماعة؛ وسط بين طرفين. وهدى بين ضلالتين، فهم وسط في باب صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين الغلو في محبتهم أو بعضهم، وبين التفريط في بغضهم أو بعضهم.

يقول رحمه الله في تقرير وسطية أهل السنة: (هم وسط في أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين الغالي في بعضهم الذي يقول بإلهيةٍ، أو نبوةٍ، أو عصمةٍ، والجافي فيهم: الذي يكفر بعضهم، أو يفسقه، وهم خيار الأمة) (٢) .

وأما عن ادعاء المناوئين لابن تيمية رحمه الله أنه يبغض الشيخين، وأنه ينتقص من منزلة الخلفاء الأربعة فهذا غير صحيح، بل لا يوجد له نص واحد ينتقص فيه الصحابة - رضوان الله عليهم - فضلاً عن الخلفاء الأربعة، الذين يعتقد أنهم خيار الأمة، فبعد أن ذكر أن أفضل الأمم أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وأن أفضل الأمة: القرن الأول، وأن أفضل القرن الأول: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، قال: (وأفضل السابقين الأولين: الخلفاء الأربعة، وأفضلهم أبو بكر، ثم عمر، وهذا هو المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة الأمة، وجماهيرها) (٣) .


(١) منهاج السنة النبوية ٤/٤٤٨ - ٤٤٩، وانظر: ص٤٦٥.
(٢) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ١/٧٥.
(٣) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص١٨٩.

<<  <   >  >>