للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث الأول: أما حديث تحريم فاطمة (ت - ١١هـ) رضي الله عنها وذريتها على النار، فيقول ابن تيمية رحمه الله عنه: (الحديث الذي ذكره (١) عن النبي صلّى الله عليه وسلّم عن فاطمة هو كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث، ويظهر كذبه لغير أهل الحديث - أيضاً - فإن قوله: إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار، يقتضي أن إحصان فرجها هو السبب لتحريم ذريتها على النار، وهذا باطل قطعاً) (٢) .

ويذكر مثالاً لذلك بـ سارَّة، فإنها أحصنت فرجها، ولم يحرم الله جميع ذريتها على النار، ودليل ذلك قوله - سبحانه -: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ {١١٢} وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ} [الصافات: ١١٢، ١١٣] .

وقال عزّ وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: ٢٦] .

ثم قال: (وفي الجملة فاللواتي أحصن فروجهن لا يحصى عددهن إلا الله عزّ وجل ومن ذريتهن البر والفاجر، والمؤمن والكافر) (٣) .

وينقد ابن تيمية رحمه الله المتن من جهة أخرى وهو أن إحصان فاطمة فرجها، ليس هو المزية والمنقبة لفاطمة التي فاقت فيها جمهور نساء المسلمين؛ لأن هذه الصفة يشترك معها جمع كبير من نساء المؤمنين فيقول: (وأيضاً: ففضيلة فاطمة ومزيتها ليست بمجرد إحصان فرجها، فإن هذا يشارك فيه فاطمة جمهور نساء المؤمنين، وفاطمة لم تكن سيدة نساء العالمين بهذا الوصف، بل بما هو أخص منه.. وأيضاً: فليست ذرية فاطمة كلهم محرّمين على النار، بل فيهم البر والفاجر) (٤) .

وأما الحديث الثاني: وهو حديث دوران الحق مع علي (ت - ٤٠هـ) رضي الله عنه فقد قال ابن تيمية رحمه الله: (هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم لا بإسناد


(١) أي ابن المطهر الحلي في منهاج الكرامة.
(٢) منهاج السنة النبوية ٤/٦٢.
(٣) منهاج السنة النبوية ٢/٦٣.
(٤) منهاج السنة النبوية ٢/٦٣ - ٦٤.

<<  <   >  >>