للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على محياه من سيما الألى صحبوا ... خير البرية نور دونه القمر (١)

ومن خصوم ابن تيمية رحمه الله من يعترف بفضله وقدره، في حالة ضعف، واستسلام، كما حصل للقاضي المالكي ابن مخلوف (ت - ٧١٨هـ) حيث قال: (ما رأينا مثل ابن تيمية حرّضنا عليه، فلم نقدر عليه، وقدر علينا فصفح عنا، وحاجج عنا) (٢) ، وذلك حين طلب الملك الناصر (ت - ٧٤١هـ) من ابن تيمية رحمه الله أن يفتي في قتل بعض العلماء من الفقهاء، والقضاة، فدافع عنهم رحمه الله وأثنى عليهم، وقد كان ابن مخلوف (ت - ٧١٨هـ) في مقابل ذلك يحرض السلاطين هو ونصر المنبجي (ت - ٧١٩هـ) على ابن تيمية - رحمه الله رحمة واسعة -.

ومن مناوئيه: ما يحملهم الإنصاف، وكثرة المحامد والمناقب التي يتميز بها ابن تيمية رحمه الله على مدحه، والثناء عليه، وإن كان ذلك في لحن القول، مع بغضهم له، والقدح فيه، والنيل منه كلما أمكنهم ذلك: وهؤلاء كثير (٣) .

فمن الأمثلة قول تقي الدين السبكي (ت - ٧٥٦هـ) حين عاتبه الذهبي (ت - ٧٤٨هـ) رحمه الله في ابن تيمية رحمه الله: (أما قول سيدي في الشيخ فالمملوك يتحقق كبر قدره، وزخارة بحره، وتوسعه في العلوم الشرعية والعقلية، وفرط ذكائه، واجتهاده، وبلوغه في كل ذلك المبلغ الذي يتجاوز الوصف، والمملوك يقول ذلك دائماً، وقدره في نفسي أعظم من ذلك وأجل، مع ما جمع الله له من الزهادة والورع والديانة، ونصرة الحق، والقيام فيه لا لغرض سواه وجريه على سنن السلف، وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفى، وغرابة مثله في هذا الزمان، بل من أزمان) (٤) .


(١) انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب ٢/٣٩٢، الرد الوافر لابن ناصر الدين ص١١٩ في قصيدة طويلة.
(٢) انظر: البداية والنهاية لابن كثير ١٤/٥٤.
(٣) أما الذين تحملهم الأهواء على الذم المطلق فهم - أيضاً - كثير مثل: الحصني، الكوثري، الحبشي، السقاف ... وغيرهم.
(٤) انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب ٢/٣٩٢ - ٣٩٣، الرد الوافر لابن ناصر الدين ص١٠٠.

<<  <   >  >>